الشيخ الصفار: الاعتزاز بالهُوية لا يعني التعصب والانغلاق ولا التشدد والتطرف

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار: إن للهُوية الإسلامية حضورًا متناميًا وفاعلًا في ساحة الأمة وعلى المستوى العالمي، بما يجعل الاعتزاز بها حقًا مشروعًا، فهي آخر الرسالات الإلهية وأكملها، وأكثرها انسجامًا مع فطرة الإنسان والعقل ومعطيات العلم.

وشدّد على ضرورة تعزيز مشاعر الاعتزاز بالهوية الدينية في نفوس الأبناء والبنات، ليزدادوا ثباتًا وثقة بدينهم في مواجهة التيارات الساعية لبث روح الانهزامية وزعزعة اليقين.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 14 جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 5 ديسمبر 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: الهُوية الدينية بين العنوان والالتزام.

ودعا الشيخ الصفّار إلى تطوير الوعي الديني ليتناسب مع التحديات الفكرية والاجتماعية المعاصرة، موضحًا أن الاجتهاد في فهم الدين واستنباط أحكامه مسؤولية متجددة على عاتق الأمة في كل عصر، ولا تنحصر في عهد الأسلاف وحدهم.

وبيّن أن الهوية الدينية ليست مجرد عنوان أو شعار، بل هي التزام بقيم ومبادئ تنظم سلوك الإنسان، وترتقي به أخلاقيًا وحضاريًا، ليكون فردًا ومجتمعًا رياديًا يجذب الآخرين إلى طريق الإيمان والخير والسعادة.

وأشار إلى أن القرآن الكريم يربي الإنسان المسلم على التمسك والاعتزاز بهويته الدينية، لأنها تمثل الدين الإلهي، والعقيدة الصحيحة.

وتابع: فقد يواجه المسلم أجواء ضاغطة تريد صرفه عن دينه، أو محاولات اغراء لإضعاف انتمائه الديني، فيحتاج إلى ما يلهمه الثبات والثقة بإيمانه.

وأضاف: هذا ما توحي به النصوص الدينية، التي تتحدث عن تمسك الأنبياء والمخلصين من أتباعهم، واعتزازهم بهويتهم الدينية.

ولفت إلى أن انطلاق الانتماء الديني من الوعي والمعرفة هو ما يقوّي تمسك الإنسان بهويته وعقيدته، بينما يكون الانتماء الموروث عائليًا واجتماعيًا، دون وعي ومعرفة، عرضة للضعف والاهتزاز، أمام الضغوط والاغراءات.

وفي المقابل، أشار إلى وجود من يستغل العنوان الديني لمكاسب شخصية، خصوصًا عند اشتداد التجاذبات الدينية والطائفية، مؤكدًا أن الدين لا يريد هوية شكلية تُستخدم ضد الآخرين، بل يريد هوية واعية تترجم قيم الدين في الأخلاق والسلوك.

وأوضح سماحته أن الدين الذي يربينا على الاعتزاز بالهُوية الدينية، فإنه في ذات الوقت يؤكد على أن لا تبقى هذه الهوية مجرد عنوان وشعار يرفعه الإنسان، في مقابل المختلفين عنه دينيًا أو مذهبيًا.

وذكّر بأن الاعتزاز بالهُوية الدينية لا يعني التعصب والانغلاق، ولا التطرف والتشدد، فذلك ما أضرّ مجتمعاتنا، وشوّه سمعة ديننا.

وتابع: يؤكد الدين على أن تتأسس الهُوية الدينية على أساس الوعي والمعرفة، وأن يلتزم المسلم بالمضمون، والقيم الدينية، في عمله وسلوك حياته.

وأضاف: وأن يكون المجتمع الإسلامي نموذجًا جاذبًا للآخرين في إدارة الحياة، وأخلاق التعامل.

وأبان أن آيات القرآن الكريم، مليئة بالتأكيد على العلم والمعرفة والتفكر والتدبر والنظر والتبصّر والتفقه، في الدين، وعبر كتاب الطبيعة المفتوح. ليتأسس إيمان الإنسان المسلم على الوعي والمعرفة.

وتابع: كما أن آيات كثيرة من القرآن الكريم، تشترط تحقق الإيمان بوجود التزام بالقيم والمبادئ.

وأضاف: إن الدين يريد للمتدينين أن يعيشوا حياةً نموذجية مليئة بجودة الحياة، والطمأنينة، والاستقرار النفسي، ليكونوا قدوة هداية للعالم من حولهم.