الشيخ الصفار يدعو للتعامل برحمة وحكمة مع من تورط في المعصية والخطأ

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار إلى التعامل بالرّحمة الحكمة واللباقة والرأفة مع من تورط في المعصية والخطأ، رافضًا التشنج في التعامل معهم.

وتابع: إن التشنج في التعامل مع المخطئ يمنع عن التفكير في أفضل أساليب الهداية والإصلاح.

جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 27 ربيع الأول 1447هـ الموافق 19 سبتمبر 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: ارحموا من أخطأ.

وأوضح سماحته أن المؤمن الواعي لا يصح أن يكون لا أباليًا تجاه المخطئين والمذنبين، فذلك يعني عدم الاهتمام بما يسخط الله تعالى، ويعني لونًا من الأنانية، فكما يحرص على الهداية والصلاح لنفسه، يفترض أن يهتم بهداية الآخرين وإصلاحهم.

وتابع: هذا الاهتمام يندرج ضمن عدد من العناوين الدينية، كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنصيحة، والدعوة إلى الخير.

وأضاف أن التوجيهات الدينية تؤكد على الإنسان أن ينظر إلى المخطئ والمذنب، نظرة رحمة وعطف، وليس نظرة عداوة وانتقام.

ولفت إلى أن خطأ الآخر وذنبه قد يتمثل في الإساءة إليك، والنيل من شيء من حقوقك المادية أو المعنوية، وهنا يدعوك الدين إلى الصفح والعفو عن المخطئ بحقك، ويقدّم لك القرآن الكريم وعدًا إلهيًا، بأن تنال عفو الله وصفحه عن ذنوبك.

مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.

وتابع: وقد يكون الخطأ من الآخر يتمثل في معصية الله تعالى، بانحراف فكري عقدي، أو انحراف عملي سلوكي.

وأضاف: هنا على المؤمن أن ينطلق في نظرته وتعامله مع العاصين المنحرفين، من مشاعر إيجابية تجاههم، في الوقت الذي ينكر بقلبه معاصيهم، ويتبرأ من انحرافهم، لكن عليه أن يشعر بالرّحمة تجاههم، فالمنحرف والعاصي يعيش حالة مرضية، حالة ضعف ومصيبة وخطر.

وأبان أن العاصي قد يكون جاهلًا، وقد يكون غافلًا، وقد يكون ظرفه ملتبسًا، وقد تكون إرادته ضعيفة أمام اغراءات الشيطان وأهواء النفس، وقد يكون واقعًا تحت تأثير جو اجتماعي، أو انقياد لأصدقاء سوء. وليس كل مذنب عاصيًا معاندًا مصرًا على الانحراف.

وأشار إلى أن التعاليم الدينية تؤكد على مبدأ "ألّا يتحول الموقف من المعصية إلى موقف حقد ذاتي على شخص العاصي، وتوجه للانتقام والتشفي منه، فالمعصية حالة مرضية، والعاصي ـ في أغلب الأحيان ـ كالمريض المحتاج إلى المساعدة للتعافي وتجاوز المرض".

واستشهد بما ورد عن أمير المؤمنين علي: «وإِنَّمَا يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِصْمَةِ، والْمَصْنُوعِ إِلَيْهِمْ فِي السَّلَامَةِ، أَنْ يَرْحَمُوا أَهْلَ الذُّنُوبِ والْمَعْصِيَةِ».

وشدد على أن عمل المخطئ مبغوض، لكنه إنسان، له حقوقه، ونسعى لمساعدته واستقطابه والتأثير عليه.

واستنكر الوضع النفسي المتأزم الذي يعيشه بعض المتدينين، وينعكس ذلك على تعاملهم مع الآخرين باسم الدين، وعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وتابع: الدين لا يريد منّا أن نتعامل بجفاء وغلظة مع الشخص المذنب، بل يدعو إلى الرحمة والشفقة به.

واستشهد بصور من سيرة رسول الله وفيها أروع المواقف الملهمة في التعامل مع المذنبين.

وختم بالدعوة للتعامل بحكمة ورفق من يقع في الخطأ والمعصية من الأبناء والبنات، "حتى نتمكن من استيعابهم واحتضانهم، فإنهم يعيشون أجواءً تجذبهم وتغريهم بالانحراف، فلا ندفعهم أكثر إلى تلك الأجواء بالأساليب الجافة المنفرة".