الشيخ الصفار يدعو للعودة للقيم والمبادئ التي جسّدها النبي في سيرته

دعا سماحة الشيخ إلى استذكار الشخصية النبوية العظيمة، للعودة للقيم والمبادئ الإنسانية السامية التي جسّدتها، وللتحصّن من تأثيرات التّوحش المادي.
وتابع: ما أحوج المجتمعات الإنسانية اليوم إلى استحضار قيمة الرّحمة، التي جسّدها رسول الله في سيرته وشخصيته، وقد أضعفتها وغيّبتها الروح المادية الطاغية، والأنانية الجارفة.
جاء ذلك ضمن خطبة الجمعة 13 ربيع الأول 1447هـ الموافق 5 سبتمبر 2025م، في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: تجليات الرّحمة في الشخصية النبوية.
وأوضح سماحته أن المسلمين يحتفلون هذا الأسبوع بذكرى ميلاد الرسول الأعظم خاتم الأنبياء محمد ، وتصادف الذكرى هذا العام مرور 1500 سنة على ولادته
.
وتابع: ومن أفضل ما تستثمر به هذه المناسبة المباركة، التذكير بقيم الرسالة والمبادئ التي جاء بها النبي ، وجسّدها في سيرته وشخصيته، وفي طليعة تلك القيم والمبادئ (قيمة الرحمة)، والتي هي في صدارة القيم الإنسانية.
وأبان أن الله تعالى وصف إرسال النبي بأنه رحمة للعالمين، فالرّحمة هي الهدف والغرض الوحيد من إرساله ورسالته، فكانت نفسه تفيض بالرّحمة على الآخرين.
وتابع: كان يجسد الرّحمة في شخصيته وسلوكه وتعامله مع الناس، وكانت رسالته دعوة إلى الرّحمة، وتشريعاته نهجًا للرّحمة. مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾.
وأضاف: إن سيرة رسول الله مليئة بالمشاهد والشواهد، على عظيم رحمته، وشمول عطفه وشفقته.
وأشار إلى شواهد من سيرته في الاهتمام بحالات الضعف.
وقال: كان رسول الله إذا رأى أحدًا في حالة ضعف يرق له، ويتعاطف معه، ويرفع معنوياته، ويقدّم له الدعم والمساعدة.
ومثّل لذلك بتعامله مع الأطفال الصغار، فالطفل الصغير يمثل حالة ضعف، ينبغي أن يتفاعل معها كل إنسان سوي، وليس الوالدان فقط.
مستشهدًا بما ورد أنه «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ، فَخَفَّفَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ لَهُ النَّاسُ: هَلْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ حَدَثٌ؟ قَالَ
: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: خَفَّفْتَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ: فَقَالَ لَهُمْ: أَمَا سَمِعْتُمْ صُرَاخَ الصَّبِيِّ».
وتابع حديثه بذكر شواهد عن رحمته وتقديره لكبار السن، فكما أن الإنسان يبدأ حياته بحالة ضعف في طفولته، فإنه يؤول إلى حالة الضعف في كبره، فيحتاج إلى العطف والرّحمة، وإذا كان الأولاد معنيين بالدرجة الأولى بالاهتمام بالوالدين في حال الكبر، فإن رعاية الكبار واحترامهم مسؤولية أخلاقية اجتماعية عامة.
واستشهد بما ورد عن أنس، جاءَ شيخٌ يريدُ النَّبيَّ فأبطأ القومُ أن يوسِّعوا لَه فقالَ
: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا».
وبيّن أن من تجليات رحمته اعتناؤه بالمرضى، ففي حالة المرض يتجلى ضعف الإنسان، ويفيده تعاطف من حوله، ومساعدتهم له، ليتغلب على مرضه.
وتابع: كان رسول الله يحثّ على عيادة المريض، وورد عنه أنه
كَانَ يَعُودُ الْمَرْضَى فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ.
ولفت إلى أن من الشواهد التي ينبغي استحضارها من سيرة رسول الله أن العداوة لا تحجب الرّحمة.
وتابع: كان رسول الله يفيض رحمة حتى على أعدائه، فكان يتحمّل أذاهم ولا يدعو عليهم بالعذاب، فحينما جرح في أحد وشجّ وجهه، وجاءت ابنته فاطمة
تغسل الدم عن وجهه، وتضع على جرحه ما يرقأ الدم، قال: «اشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلى قَومٍ كَلَموا وَجهَ رَسولِ اللّهِ
. ثُمَّ مَكَثَ ساعَةً، ثُمَّ قالَ: اللّهُمَّ اغفِر لِقَومي فَإِنَّهُم لا يَعلَمونَ».
وأضاف: لما فتح رسول الله مكة قال مخاطبًا أهل مكة: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، مَا تُرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟» قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ».