الشيخ الصفار يدعو للاعتماد على الذات وتلافي الحاجة للآخرين

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

قال سماحة الشيخ حسن الصفار: في النصوص الدينية رسالة شديدة لمن يحترفون الطلب من الآخرين لحاجاتهم ولقضاء شؤون حياتهم، وبعضهم يتقاعس عن العمل والحركة، أو يطلب ويسأل لكماليات في معيشته، مع إمكانية الصبر والتحمل.

وتابع: حتى في مجال تسيير بعض الأمور، يبحث عن الوجاهات والوساطات لأمور يمكن تحصيلها بشيء من الجهد لكنه يتكاسل عن بذل الجهد.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 17 جمادى الأولى 1445هـ الموافق 1 ديسمبر 2023م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: الثراء النفسي والثراء المادي.

وأوضح سماحته أن النصوص الدينية تؤكد على الإنسان أن يعزز في نفسه مشاعر الكرامة والعزة، فلا يضع شخصيته في مواقف الهوان والذل من أجل الحصول على شيء من الإمكانات المادية.

وتابع: إن كسب المال والثراء بالعمل والكدح، وعبر الطرق المشروعة، ينسجم مع كرامة الإنسان وعزته، أما إذا كان باستجداء الآخرين، وتحمّل مهانتهم وامتنانهم، فهذا يسبب فقر المشاعر الإيجابية في نفس الإنسان.

وأبان أن الله تعالى يشيد بالفقراء الذين يعيشون ثراءً في مشاعر الكرامة والعزة في نفوسهم، فيتعففون عن إظهار حاجتهم، حتى يتصور الناس أنهم أغنياء.

مستشهدًا بقوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا. [سورة البقرة، الآية: 273]

وذكر أن بعض كتب الحديث خصصت أبوابًا لنصوص دينية تحت عنوان: (الاستغناء عن الناس) كما في كتاب (الكافي)، وكتاب (كنز العمال)، وكتاب (بحار الأنوار).

ومضى يقول: يندفع الإنسان غريزيًا لتحصيل الإمكانات المادية، والثراء المالي، وذلك من النزعات المتجذرة في نفس الإنسان، والمنبثقة من حب الذات، إنها نزعة التملك والحرص على حيازة الأشياء، والاختصاص بها، وهي تظهر باكرًا في حياة الإنسان من عهد طفولته الأولى.

وتابع: سعي الإنسان لتحصيل الثراء المادي بالطرق المشروعة أمرٌ إيجابي، لأنه بذلك يمارس الفاعلية والنشاط في وجوده، ويسهم في إعمار الأرض، وحركة الحياة.

وأضاف: يفترض أن يستهدف الإنسان من تحصيل الثراء المالي، تلبية احتياجاته، وتعزيز قيمته، وتحقيق الراحة والسعادة في حياته.

واستدرك: لكن الإنسان ليس وجودًا ماديًا فقط، بل هو كيان متعدد الأبعاد، له بُعدٌ عقلي وروحي ونفسي، وكما يحتاج إلى الثراء المادي، فإنه يحتاج الثراء في الأبعاد الذاتية الأخرى من شخصيته.

وتابع: لو توفر له الثراء المادي، وكان فقيرًا في داخل نفسه وذاته، فإنه لا يحقق إنسانيته، ولا يضمن راحته وسعادته.

لذلك فإن الدين يوجه الإنسان للاهتمام بالثراء النفسي والروحي، والذي غالبًا ما يغفل عنه الإنسان ويتجاهله، مع أنه الأجدر والأولى بالاهتمام.

وأشار إلى أن الغنى المادي ليس سببًا كافيًا للسعادة، فإن نسبة كبيرة من الأغنياء ليسوا سعداء، وذكر عددًا من الأغنياء والمشاهير الذين أنهو حياتهم بالانتحار لما يعيشونه من تعاسة وقلق واكتئاب.

وعن معنى غنى النفس، قال سماحته: إذا كان الغنى المالي يعني وفرة الإمكانات المالية المادية، فإن غنى النفس هو قوة المشاعر والنزعات والميول الإيجابية في أعماق ذات الإنسان، وانعكاسها على سلوكه.