منطق المعرفة

 

في حقل المعرفة لا معنى لأن يكون ثمة اصطفافات. الاصطفاف المنطقي في ذلك الحقل يكون لصالح منطق المعرفة فقط .

وهذا منطلقي في أي عملية نقد، فمن ننقده ليس خصماً ، وميدان النقد ليس حلبةً بقدر ما هو ميدان نُبرز فيه لبعضنا البعض مواطن خدشنا لمنطق المعرفة ، من أجل أن نتلافاها لنتقدم فننمو جميعاً .

أمّا أن نحث على النقد البنّاء ولا نرحب به أو نتفاعل معه فهذا يضع أكثر من علامة استفهام أمام موقفنا من طلب العلم والمعرفة .

وعندما نربط بين الترحيب بالنقد البنّاء ، والصدق في طلب العلم ؛ فذلك لأن طالب العلم الصادق يندهش كلما أفاق على معلومة كانت تمثل بقعة ظلام في مملكة معرفته .

وفي هذا المقام ، يسعدني أن أجدد إعجابي بنموذج سماحة الشيخ حسن الصفار حفظه الله ، لأنه مصداقاً جليّا لما يدعو إليه .

وهذا الانطباع ليس بفعل خطابه فقط ، ولا لأنه أتحفني باتصاله ظهيرة هذا اليوم للشكر والثناء على مقال : " الخطاب المنبري من مرآة ابستمولوجية " ؛ وإنما لما هو أكثر ، لما يعكسه هذا الاتصال من حالة اتساق ، بين خطاب يتسّم بالحث والتشجيع على النقد البناء ، والانفتاح على العلوم من أجل الفهم وتعميق المعرفة بالدين والتديّن ، وبين ترحيب حقيقي بمواضع النقد المعرفية التي لامسها المقال ، وأخرى قد يلامسها أي مقال آخر .

نعم ، في أجواء كتلك من الاحترام المتبادل ، واعتراف الذوات المشتغلة بالمعرفة بنسبية معارفها ، وتقدير قيمة النقد البنّاء ، يكون مناخ التقدم الفكري والمعرفي في أوساطنا خصب جداً .

 

كاتب من الأحساء، دكتوراه الفلسفة في الإدارة التربوي