سماحة الشيخ الصفار يؤكد أن الخطيب جزء من منظومة تعاني العجز والتقصير في مهرجان الجمري بالبحرين

مكتب الشيخ حسن الصفار
إجماع على ضرورة تطوير الخطاب الحسيني مرحلياً

مثقفون يعالجون قضايا «المنبر» في مهرجان الجمري





بوري - مالك عبدالله، عبدالله الميرزا

أجمع المنتدون في ندوة «المنبر الحسيني بين الواقع والطموح» على ضرورة تطوير أساليب المنبر الحسيني مع الحفاظ على الضوابط الشرعية، مؤكدين أن المنبر الحسيني حافظ على بقاء مفاهيم وحوادث واقعة الطف على مدى القرون الماضية وأنه بدأ في الخروج من انعزاله الذي فرض عليه إلى الانفتاح على العالم الخارجي.

يذكر أن الندوة أقيمت ضمن فعاليات مهرجان الملا عطية الحسيني الأول الذي ينظمه مأتم الإمام الباقر في بوري ويتميز بحضور لافت للكثير من الكوادر والنخب المثقفة والمفكرين من أنحاء الوطن العربي.

ويضم المهرجان فعاليات مستمرة بالإضافة الى الندوات هي معرض الكتاب و مسرحية تتناول حياة الملا عطية ومجالس الخطابة الحسينية.



جمال: لابد من حوار مباشر بين الخطيب والمستمع



أدار الندوة التي عقدت في الليلة الثالثة من عمر المهرجان النائب الكويتي عبدالهادي صالح الذي أشاد بمستوى المهرجان وفكرته.

وبدأ الحديث بعده المفكر الكويتي عبدالمحسن جمال متناولا في ورقته محور «أفكار نحو تطوير المنبر الحسيني»، تحدث فيها عن نسب الإمام الحسين ، كما تحدث عن صفاته وشجاعته. ثم قال: «لتطوير وتجديد عطاء ذكرى الإمام الحسين علينا أن نسلك طريقين هما الاستمرار في الأسلوب التقليدي والقراءة الحسينية التي أصبحت معلما من معالم التراث الإسلامي وعطاء الثقافة والفكر والفقه مع التركيز على طرح القضايا المعاصرة، وتناول قضايا الساعة بأسلوب حديث وحوار شيق إذ لابد من طرح النهضة الحسينية بواقعنا المعاصر»، مشيرا إلى أن «بعض الخطباء يقتصر على رواية الجانب التاريخي وهو على أهميته إلا ان الأكثر فائدة هو ربطها بواقع المسلمين، ومن أهم وسائل المنبر الحسيني المطلوبة هي دعوته للوحدة الوطنية في المجتمع كما أنه لا بد من تحديد فترة مخصصة أو ساعة محددة من كل ليلة للحوار الحر والمباشر بين الخطيب والحضور».

أما عن الطريق الآخر لتطوير المنبر الحسيني فاقترح جمال «التفكير في أساليب جديدة ومتطورة للاستفادة من حادثة الطف، متمنيا أن يكون هناك مؤتمر فكري سنوي عالمي يتناول الجوانب الفكرية من نهضة الإمام الحسين، مع تغيير العناوين بشكل سنوي».



الهاشمي: الثورة الحسينية ولدت كاملة منذ اللحظة الأولى



من جانب آخر تناول عالم الدين والمفكر الإسلامي السيد كامل الهاشمي في ورقته بعنوان «خطاب المنبر في البحرين»، تاريخ المنبر وسماته وإعادة تركيبه ومتطلبات تطوير المنبر الحسيني، مشيرا إلى «أن وجود المنبر الحسيني شكل حالة متميزة وفريدة، حتى أنه يمكن اعتبار المنبر الحسيني الآلية الإعلامية الأولى والأساسية التي اعتمدتها الطائفة من أجل التذكير الدائم والمستمر بقضيتهم التي تبنوها وأعطوها أولوية استثنائية منذ لحظة حدوثها»، موضحا «أنه من المؤكد الذي لا يختلف عليه الباحثون والمؤرخون أن خطاب المنبر الحسيني لم يوجد إلا كإفراز تال للثورة الحسينية من حيث النشأة الزمنية والتاريخية، وعلى رغم حدوث بعض التغييرات الكبيرة والمهمة على مضمون الخطاب و أساليبه وتقنياته ولكن ظل الحدث المأسوي لكربلاء هو محورها».

وأضاف الهاشمي «لا تأتي فرادة القضية الحسينية في فجاعتها غير المسبوقة في التاريخ أو حجمها الرمزي والديني ولا في منهجيتها الفريدة ولكن في استمرارها حية في النفوس حتى بعد انتهائها وهي لم تكتسب هذا البعد إلا من خلال المنبر الحسيني»، مستعرضا الصفات النمطية لخطاب المنبر الحسيني في البحرين، ومتطلبات تطويره. كما لفت الهاشمي إلى أن تنظير «الثورة الحسينية تنظير إلهي في العمق، أي أنها ولدت كاملة منذ اللحظة الأولى، وغاية ما في الأمر أنها تمشي عبر برنامج بإمكاننا أن نسرّع أو نبطئ من وتيرة حركته».



الصفار: الخطيب جزء من منظومة تعاني العجز والتقصير



اما آخر المتحدثين في الندوة فكان عالم الدين السعودي المفكر الشيخ حسن الصفار، الذي قدم له عريف الندوة عبدالهادي صالح بنبذة موجزة عن إنجازاته، فقد تحدث عن 5 عناصر اعتبرها مهمة في مسيرة الخطاب الحسيني. وذكر الصفار في بداية حديثه البعد العاطفي لخطاب المنبر الذي اعتبر انه «لا بد من بقائه ليبقى انشداد الأمة نحو أهل البيت ولكن الكلام في أسلوب هذا الخطاب العاطفي الذي لا يلجأ إلى الموضوعية و يعتمد على روايات غير منقحة بغية الإثارة العاطفية، فهذا الجانب بحاجة إلى تشذيب لأنه لا بد من ذكر المأساة على حقيقتها».
وانتقل الصفار إلى بعد آخر هو البعد المعرفي مشيرا إلى أن «المنبر هو الوسيلة المتاحة الوحيدة سابقا، لكنه ليس كذلك اليوم وبالتالي ينتظر منه أن يكون قوياً أمام التحدي الثقافي والمعرفي في هذا العصر، والمنبر وسيلة مهمة من أجل تصحيح أنماط السلوك غير أنه لا يقوم بهذا الدور المطلوب بالمستوى المطلوب في كثير من الاحيان».

ثم تطرق الصفار الى بعد التوجيه والتعبئة الجماهيرية مبينا انه على رغم كون المنبر يخاطب الجمهور فإنه ليست هناك رسالة واضحة للجمهور والمنبر لا بد أن يتوجه إلى الصعيد العام وليس إلى طائفة معينة.

ثم عرج الصفار إلى الدفاع عن الخطيب الحسيني قائلاً: إن الخطابة هي جزء من الحالة الدينية وليست كل شيء فيها، فهناك المرجعية والإدارات المؤسسية الدينية والحوزات العلمية والعلماء والمثقفون، كل هؤلاء يحتاجون في عصرنا هذا الى إعادة النظر في حركتهم الإدارية وترتيب الاوراق، وبالتالي فإن الخطيب لا يتحمل كل المسئولية في الخلل الذي يعيشه المجتمع. لأنه جزء من المنظومة التي تعاني من العجز والتقصير ولا يصح لوم الخطباء لوحدهم. كما بين أن الخطباء تنقصهم الرعاية العامة فهم يعتمدون على جهودهم الذاتية من دون وجود بيئة مساندة كالجامعات أو المعاهد أو غيرها.

وختم الصفار حديثه بالإشارة الى انعدام الضمان الاجتماعي للخطيب واعتماده الكلي على صاحب المأتم الذي يبقى مرتهنا لرغبته فيه. ثم ألمح الى ان عاطفية الجمهور هي التي تحدد هوية الخطيب في كثير من الأحيان وذلك يحتاج الى نظر.