الشيخ الصفار: العبادة الصادقة تثمر استقامة في السلوك

قال سماحة الشيخ حسن الصفار إن إقبال الإنسان على عبادة الله، يعني أن يكون لله تعالى حضورًا في نفسه، ويتطلع إلى رضاه والتقرب إليه، ويحذر من كل ما يسخطه ويسبب غضبه.

وتابع: لا شيء يغضب الله تعالى ويوجب سخطه وعذابه أكثر من ظلم الآخرين والإساءة إليهم بالاعتداء على شيء من حقوقهم المادية أو المعنوية.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة 26 محرم 1443هـ الموافق 3 سبتمبر 2021م في مسجد الرسالة بمدينة القطيف شرق السعودية، بعنوان: العبادة والسلوك الاجتماعي.

وقال سماحته: "لا شيء يرضي الله ويوجب ثوابه أكثر من الاحسان إلى عباده"، مؤكدا أن النصوص الدينية تفيد أن الله تعالى يفضّل نفع عباده على التنفّل بعبادته.

مستشهدا بقول رسول الله : «صَلَاحُ ذَاتِ‌ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ».

وأضاف: كما لا شيء يغضب الله تعالى ويوجب سخطه وعذابه أكثر من ظلم الآخرين والإساءة إليهم بالاعتداء على شيء من حقوقهم المادية أو المعنوية.

ومضى يقول: نجد أنفسنا أمام مفارقة عجيبة في أوساط بعض المتدينين الذين يؤدون مظاهر العبادات والشعائر الدينية، ولكنهم لا يتورعون عن الإساءة للآخرين.

وتابع: قد يحيفون على حقوق القريبين منهم في أسرهم وعوائلهم، أو ينالون من حرمات بعض أبناء مجتمعهم، بغيبة أو تحقير أو اسقاط شخصيات الناس، والتشهير بهم.

وأضاف: وقد يسول الشيطان للإنسان صنع تبريرات لمثل هذه الممارسات العدوانية المنحرفة. مؤكدًا إن للدين مقومين أساسين، عبادة الله والإحسان إلى عباده.

وبمناسبة ذكرى وفاة الإمام علي بن الحسين قال سماحته: نقرأ في سيرته صفحتين، الأولى التوجه العبادي للإمام زين العابدين حيث اتفق المؤرخون على أنه كان يسمى في عصره زين العابدين لإقباله المنقطع النظير على العبادة.

وأوضح أن مصادر تاريخية مختلفة تحدثت عن عبادته وزهده وورعه وأنه كانت تعتريه الرهبة وتظهر آثارها على وجهه لاستحضاره عظمة الله تعالى عند وضوئه وصلاته ومناسك حجه.

وأشار إلى أن أدعية الإمام زين العابدين التي جمعت روائعها في الصحيفة السجادية أصبحت منهلاً للعارفين، ومدرسة في الإنابة والخضوع لله، واستحضار عظيم صفاته وآلائه، والتحذير من عقوبته وسخطه.

وتابع: والصفحة الثانية نقرأ فيها عن أخلاق الإمام زين العابدين وسلوكه الاجتماعي، فقد أعطى من ماله بجود وسخاء، إذ كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة، حيث كان يعيل كثيراً من بيوت الفقراء وما عرفوه إلا بعد وفاته حيث فقدوا تمويلهم.

وبين أنه كان يهتم بتحرير العبيد، ولا يبقى أحدهم عنده أكثر من سنة واحدة، تكون أشبه بدورة أخلاقية تربوية، ثم يعتقه ويزوده بما يغنيه لإدارة حياته.

وأضاف: لو تأملنا في الارتباط والعلاقة بين هاتين الصفحتين الرائعتين من سيرة الامام لوجدنا أن الصفحة الثانية تمثل الثمرة والانعكاس للصفحة الأولى.

وأبان أن صلة الامام بالله وصدق عبادته وخضوعه له، هو باعث ورعه وتقواه، وهو منشأ مراعاته لحقوق الناس واهتمامه بالإحسان إليهم.

وفي موضوع متصل حذر سماحته من ان يبتهج الإنسان بذنبه، ويشعر بالارتياح لأنه حقق رغبته وشهوته.

وتابع: هذا يعني الاستهانة بمعصية الله وهي استهانة بالله، كما أن ذلك يغريه لتكرار المعصية والاستمرار فيها.

وأوضح أن من مظاهر هذه الحالة الخطيرة فرح الإنسان بتحقيقه ضربات واساءات يتجاوز بها القيم والحدود الشرعية بحق خصومه.

وتابع: حين يتمكن الإنسان من ظلم خصمه يفرح بذلك، وكأنه حقق نصرًا عظيمًا، مؤكدا أن ظلم الإنسان لغيره ذنب، اما فرحه بهذا الذنب فهو ذنب أكبر.

للمشاهدة:

https://www.youtube.com/watch?v=hazgGqEbuCw

للاستماع:

https://www.saffar.me/?act=av&action=view&id=1495