مقدمة لكتاب «العملات المتداولة في القطيف والأحساء» للأستاذ نزار العبد الجبار

الكتاب: العملات المتداولة في القطيف والأحساء.. (من القرن العاشر إلى العهد السعودي... دراسة وثائقية)
الكاتب: نزار بن حسن آل عبدالجبار
الناشر : مؤسسة الانتشار العربي، منشورات الواحة, الطبعة الأولى، 1431هـ / 2010م

لا يستغني مجتمع يتوثب للنهوض عن دراسة تاريخه، للمساعدة في اكتشاف الذات، ولتعزيز الثقة بالنفس، ومعرفة خلفيات الواقع الحاضر، والاستفادة من التجارب والعبر.

وفي الحراك من أجل النهضة تكون دراسة التاريخ مظهراً من مظاهر الحيوية والنشاط.

بينما تكون دراسة التاريخ لمجرد التغني بأمجاد الماضي، لون من ألوان الترف، وإفراز لواقع التخلف.

وأرى في أفق مجتمعنا في القطيف والأحساء ملامح نهضة واعدة، لصناعة حاضر متقدم، واستشراف مستقبل زاهر، حيث الإقبال على الثقافة والمعرفة، والاهتمام بالشأن الاجتماعي، والعطاء في ميدان السعي والعمل.

وضمن هذا الأفق المشرق يأتي اهتمام نخبة من أبناء المجتمع بالتراث وتاريخ المنطقة، حيث تأسست بعض المؤسسات الثقافية المهتمة بتحقيق تراث المنطقة ونشره، كانت في طليعتها (مؤسسة البقيع لإحياء التراث) التي وفقنا الله تعالى لتأسيسها سنة (1407هـ) بهمة وتعاون عدد من الإخوة الأعزاء، ثم انطلقت مجلة (الواحة) قبل خمسة عشر عاماً، وهي مجلة فصلية تعنى بشؤون التراث والثقافة والأدب في الخليج العربي، لتكون محوراً ومنبراً رائداً على هذا الصعيد.

وقد  سبق هذه الأعمال المؤسساتية جهود كبيرة لشخصيات اهتمت بالكتابة عن تاريخ المنطقة وتراثها، كالشيخ علي البلادي (1274هـ ـ 1340هـ) مؤلف (أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين)، والأستاذ محمد سعيد المسلم(1341هـ ـ 1414هـ) مؤلف كتابي (ساحل الذهب الأسود) و(واحة على ضفاف الخليج)، والشيخ فرج العمران (1321هـ ـ 1398هـ) في مذكراته المفصّلة (الأزهار الأرجية في الآثار الفرجية).

وبين يدي القارئ الكريم دراسة وثائقية رائعة تتناول زاوية مهمة من زوايا التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة، حيث عرضت لـ(العملات المتداولة في القطيف والأحساء ـ من القرن العاشر إلى العهد السعودي).

وكان الاعتماد الرئيس في هذه الدراسة على الوثائق التي هي من أهم مصادر البحث وأدقها، حيث بذل المؤلف الباحث الأستاذ نزار بن حسن العبدالجبار، جهوداً مضنية في البحث عن هذه الوثائق، ومتابعتها، واستنتاج المعلومات والدلالات منها، فقد اطّلع على مئات الوثائق من وصايا ووقفيات ومبايعات وهبات ومصالحات.

وأودع الدراسة صوراً عن عدد من تلك الوثائق، ولم تكن تلك الوثائق مجموعة في مكان واحد، أو لدى جهة معيّنة، حتى يسهل الوصول إليها والاطلاع عليها، وإنما هي في حيازة أشخاص متفرقين من مختلف أنحاء المنطقة، لذا كان البحث عنها والاطلاع عليها، يستلزم جهداً شاقاً، قام به الباحث الكريم خدمة منه للمعرفة والتاريخ، ووفاءً للمجتمع وللوطن.

فجاءت هذه الدراسة الرائعة بحمد الله لتملأ فراغاً في مجال موضوعها، ولتشكّل إضافة نوعية لبحوث تاريخ المنطقة، وهي تكشف عن سعة اطلاع المؤلف الكريم، وخبرته المتراكمة، وقدرته البحثية الواعدة.

وإني إذ أبارك للأخ نزار باكورة إنتاجه في التأليف، لأرجو الله تعالى له المزيد من التوفيق في العطاء المعرفي، وفي خدمة المجتمع والوطن، حياه الله إبناً باراً لمجتمعه، وفيّاً لوطنه، وكثّر الله أمثاله.

والحمد لله ربّ العالمين

حسن الصفار              
القطيف                  
3 ربيع الأول1430هـ         
28 فبراير2009م