حوار سماحة الشيخ مع وكالة الأنباء رويترز

مكتب الشيخ حسن الصفار

صباح الخميس 14 ذي الحجة الموافق 5/2/2004م زار السيد (دومنيك إيفانز) مندوب وكالة (رويترز) للأنباء في الرياض سماحة الشيخ حسن الصفار في مكتبه بالقطيف، وأجرى معه حواراً نشرت الوكالة مقتطفات منه وفيما يلي النص الكامل للحوار:

في السنين الأخيرة ما هو وضعكم داخل المملكة، وما هو شكل علاقتكم مع الحكومة؟

نحن جزء من هذا الشعب في المملكة العربية السعودية وعلاقتنا مع الحكومة كعلاقة بقية المواطنين، لا نصنف أنفسنا كحالة خاصة تختلف عن بقية الشعب، نعم هناك بعض المشاكل التي ترتبط بالخصوصية المذهبية الشيعية. هذه الأمور نأمل أن تحل وتعالج، إن شاء الله في وقت قريب.

هل هناك أي تقدم بالنسبة لأوضاعكم، كالسماح ببناء المساجد وما شابه؟

هناك مؤشران جيدان:

الأول: بدءوا يعطون تصاريح بناء مساجد للشيعة في القطيف والأحساء ضمن شروط وضوابط معينة.

ما هي هذه الشروط؟

توقيع تعهد أن يكون المسجد مسجلاً في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وتحديد مساحة البناء في المسجد ضمن حدود معينة، وأن يكون المسجد في المناطق ذات الكثافة الشيعية أما المناطق المشتركة بين الشيعة والسنة كإسكان القطيف والدمام والخبر والجبيل فيصعب على الشيعة فيها الحصول على تصريح بناء مسجد. هذه شروط يضعونها الآن. ولكن نحن نعتبر أننا في وضع إيجابي قياساً بالماضي حيث كان بناء المساجد ممنوعاً بشكل كامل بالنسبة للمواطنين الشيعة.

المؤشر الثاني: وجود فرصة على المستوى الإعلامي، سابقاً لم يكن هناك مجال لبروز شخصيات شيعية دينية في وسائل الإعلام المحلية كالصحف والجرائد والمجلات، وفي هذه الفترة أصبح هناك مجال نسبي وهذا مؤشر إيجابي.

بالنسبة لفرص العمل هل هناك أي تغيرات؟

طبعاً تعلمون أنه في المملكة هناك مشكلة البطالة وتعاني منها كل المناطق في المملكة، ربما تكون في منطقتنا هذه المشكلة أكثر منها عن بقية المناطق، ولكنها مشكلة عامة، الموضوع الأهم هو فرص الشيعة في المناصب العليا محدودة، ليس هناك شيعة في مواقع ومناصب متقدمة، وفي كل فترة تصدر من مجلس الوزراء الترقيات في الرتب ولكن قل أن تجد أن من بين هؤلاء المشمولين بالترقيات والرتب أشخاصاً من الشيعة.

بشكل عام هل تغيرت إستراتيجية الشيعة في المملكة من ناحية التعامل والتعاون مع الحكومة مقارنة بالوضع القائم قبل عشرين سنة أيام قيام الثورة الإسلامية في إيران؟

نعم حصل تغير واضح من سنة 94 حصل حوار بيننا وبين الحكومة وبموجب هذا الحوار انتهى عملنا السياسي والإعلامي المعارض للحكومة في الخارج وعدنا للمملكة وأصبح لنا تواصل مع المسئولين من أجل معالجة هذه المشاكل ولا زال التواصل مستمراً لاستكمال هذه المعالجة، لحد الآن لم تعالج كل الأمور ولا زال التواصل قائماً.

هل تتوقعون أن يكون هناك برنامج لتسريع وتفعيل هذا التواصل، خاصة مع ازدياد حدة التطرف والشيعة يعتبرون عنصراً إيجابياً بالمقارنة مع الطوائف الأخرى؟

الشيعة دائماً كانوا عنصراً إيجابياً طوال تاريخ المملكة ونحن لا نعتبر أنفسنا في حالة عداء مع أي فئة من الفئات، حتى مع الأخوة السلفيين نعتبرهم إخوة لنا نختلف معهم ويختلفون معنا في فهم بعض المعتقدات والأحكام الدينية لكننا لا نعتبرهم أعداءً ونأمل أنهم أيضاً لا يعتبروننا أعداء، لأن اعتبار أي مسلم عدواً أو اعتبار أي مواطن أنه عدو هذا أمر سيء يخالف الإسلام ويخالف مفهوم المواطنة الحكومة الآن في مواجهة مع التطرف والإرهاب. وطبعاً التطرف والإرهاب يضر بالحكومة والشعب والوطن كله، فمن الطبيعي أن كل المواطنين من الشيعة وغير الشيعة يكونون مع الحكومة في المواجهة في مواجهة حالة تطرف وإرهاب وليس المواجهة لفئة أو مذهب.

هل ترى أن الإرهاب والتطرف يعتبر تحدياً مشتركاً مما يؤدي للتقارب بين الحكومة والشيعة؟

أنا اعتقد أنه تحدي ليس للحكومة والشيعة فقط وإنما هو تحد للوطن كله وللشعب كله، ورأينا أن أي بلد يكون فيه إرهاب وتطرف مسيرة البلد كلها تتعوق ويفقد البلد استقراره وأمنه وقدرته على تنفيذ خطط التنمية، فالتحدي عام للوطن كله الحكومة والشعب بمختلف الأطياف.

ما هو رأيكم في الأوضاع القائمة الآن في العراق؟ وما هو اقتراحكم لنظام الحكم فيه؟

أهل العراق هم الأعرف بأوضاعه وهم أصحاب القرار في مستقبلهم السياسي ونرغب أن نرى في العراق حكماً ديمقراطياً ينبثق من الانتخابات العامة ونرى أن الموقف الذي أعلنته المرجعية الدينية في العراق المطالبة بالانتخابات العامة هي مصدر شرعية النظام وشرعية الحكم هو الموقف الصحيح الذي يجنب العراق مشاكل الاضطرابات والانقسامات.

بالنسبة لنظام الحكم في العراق برأيكم ما هو النظام الأفضل؟

النظام الذي يختاره الشعب العراقي ونأمل أن يكون هو النظام الديمقراطي الذي يعترف بالحريات وبحقوق الناس وهذا من صالح العراق ومن صالح المنطقة كلها.

الخيار الديمقراطي يعني أن الحكومة شيعية، لأن أغلبية الشعب العراقي شيعي.

نحن نقول بالانتخابات ورأي الأغلبية سواء كانت الأغلبية سنة أو شيعة، صحيح أن الأغلبية شيعة ولكن الشيعة أنفسهم ليس كلهم اتجاهاً واحداً، هناك توجهات ليبرالية وتوجهات دينية داخل الشيعة، فالشيعة كلهم ليس كتلة واحدة. فليس هناك تصنيف مذهبي في الخيارات السياسية.

إذا تسلم الشيعة في العراق مقاليد الحكم، هل سيؤثر ذلك على الشيعة في المملكة؟

لا اعتقد أن هناك تأثيراً خاصاً ولكن هناك تأثير عام، أي تغيير يحدث في المنطقة يترك آثاره على كل الشعوب القريبة من موقع الحدث ومن الطبيعي أن الشيعة في المملكة باعتبار أن لهم علاقة دينية بالشيعة في العراق حينما يكون الشيعة في العراق في وضعية جيدة متقدمة هذا يسرهم ويسعدهم.

هل أعطيتم الحكومة السعودية أي ضمانات لعدم مطالبتكم بوضع مماثل للوضع العراقي في حال اختيار العراقيين للفيدرالية، أو دار بينكم حوار بخصوص هذا الموضوع؟

الحكومة السعودية تعرف المواطنين الشيعة وتعرف ولاءهم لوطنهم وتعرف علاقتهم مع حكومتهم طوال كل الفترة الماضية ولذلك الأمر لا يحتاج لضمانات، الشيعة في المملكة لا يريدون لأنفسهم شيئاً خاصاً يريدون أن يكونوا متساويين مع بقية المواطنين، أن لا يكون هناك تمييز طائفي مذهبي بينهم وبين بقية المواطنين، ولا يريدون أكثر من ذلك والحكومة تعرف هذا الشيء.

هل طالبتم بفتح الحدود مع العراق لزيارة الأماكن المقدسة؟

ليس عندنا طلب في هذا الاتجاه ولكننا نعتقد أن الأوضاع إذا استقرت في العراق فمن الطبيعي يفتح المجال وتكون العلاقات طبيعية وحكومة المملكة حريصة أن تكون علاقاتها مع العراق كبلد مجاور علاقات طيبة وبالتالي بشكل طبيعي سيكون المجال مفتوحاً أمام الزائرين وهذا يعتمد على استقرار الوضع في العراق وعلى علاقات الحكومة السعودية مع النظام القادم في العراق والذي نأمل أن تكون علاقات طيبة إن شاء الله.

إذا استقر الوضع في العراق، هل لديكم تفكير بالانتقال إليه؟

كلا، برنامج عملي هو في داخل البلد، قد أسافر للزيارة أو للتواصل العلمي مع الحوزة العلمية.

هل هناك تقدم ملموس بالنسبة للحوار الوطني؟

هناك تقدم جيد على مستوى العلاقة بين الفئات داخل المجتمع السعودي، في الفترة السابقة كانت هناك حالة من القطيعة، لم يكن تواصل بين الفئات والأطياف المختلفة بين الشيعة والسنة والسلفيين والليبراليين والصوفيين ولكن من خلال اللقاء والحوار بدأت هناك حالة انفتاح وهذا أمر طيب ومهم. من ناحية ثانية أصبح هناك انفتاح إعلامي وثقافي سابقاً لم يكن أحد يتحدث في وسائل الإعلام المحلية أن هناك شيعة في المملكة، ولكن من خلال الحوار الوطني ومشاركة الشيعة أبرز وجودهم وأنهم موجودون وأصبحت وسائل الإعلام تتحدث عن الشيعة كجزء من الوطن وكجزء من المواطنين وهذا يعتبر خطوة متقدمة، ولكن التوصيات التي أقرها اللقاء نأمل أن تطبق وأن تنفذ لأن هناك توصيات خرجت في اللقاء الأول وفي اللقاء الثاني ولا نريد أن تبقى حبراً على ورق وإنما نريد أن يكون اهتمام بتطبيق وتفعيل هذه التوصيات.

ما هو شكل الاتصال بينكم وبين آية الله السيستاني في العراق؟

هناك اتصال دائم بيننا وبين السيد السيستاني في العراق في الأمور الدينية في أخذ الفتاوى الفقهية الدينية أما في الأمور السياسية فنحن قراراتنا محلية ولا تؤخذ من أي جهة من خارج البلد.

هذا وقد نشرت وكالة الأنباء رويترز مقتطفات من هذا الحوار في موقعها على الإنترنت، وفيما يلي نص ما نقلته الوكالة:

قال حسن الصفار ان الاقلية الشيعية المهمشة في المملكة تريد معاملة أكثر عدلا لكنها لن تستغل القوة المتزايدة للشيعة في العراق للحصول على مكاسب سياسية.

وقال الصفار ان طائفته موالية للسعودية وليس لديها طموحات للحصول على قدر أكبر من الاستقلالية حتى اذا ظهر مشروع محتمل لدولة فيدرالية بشكل فضفاض في العراق بعد الاطاحة بصدام حسين.

وقال الصفار لرويترز في مقابلة مساء الخميس "الحكومة السعودية تعرف ولاء المواطنين الشيعة في البلاد." واضاف "الشيعة لا يريدون شيئا خاصا لانفسهم."

ويعتقد ان الشيعة يشكلون الغالبية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط وان كانوا يشكلون عشرة في المئة فقط من اجمالي عدد السكان في المملكة ولهم علاقات وثيقة مع الشيعة في العراق واكتسبوا نفوذا سياسيا بعد الاطاحة بصدام حسين.

ويقول دبلوماسيون ان حكام السعودية انزعجوا من النفوذ المتزايد للشيعة عبر حدودهم خوفا من ان يعطي ذلك جرأة لشيعة السعودية الذين يقولون انهم يواجهون عقودا من التمييز ضدهم.

واعربت الحكومة عن قلقها من تقسيم العراق على اساس عرقي وديني مما يفجر نزاعا قد يمتد إلى الدول المجاورة.

وقال الصفار ان الشيعة بدأوا يجدون صوتا في السعودية لاسباب منها "الحوار العقلاتي" الذي اجراه في العام الماضي ولي عهد السعودية الامير عبد الله.

وقال الصفار "لم يتحدث أحد في الاعلام عن الشيعة في المملكة."

لكن رجل دين شيعيا بارزا قال في الشهر الماضي ان الاحداث في العراق ادت إلى "تعقل" بين الشيعة الذين حضروا الحوار وحذروهم من السعى للحصول على اي مكاسب سياسية من الخارج.

وقال سلمان العودة في مقابلة مع التلفزيون السعودي ان تخويل أحد السلطة عن طريق طرف اجنبي أو التلميح الى ذك يعد خطأ استراتيجيا.

وقال الصفار ان مطالب الشيعة متواضعة. واضاف "ليس هناك أي طلب خاص للشيعة سوى المساواة وتعرف الحكومة ذلك."

ورغم انه على اتصال دائم باية الله على السيستاني المرجع الاعلى للشيعة في العراق الا ان هذه الاتصالات لاغراض دينية محضة. وقال الصفار انه "فيما يتعلق بالسياسة فان قراراتنا محلية ولا يتخذها أي طرف خارج البلاد."

وقال تقرير وزارة الخارجية الامريكية في العام الماضي ان شيعة السعودية تعرضوا "رسميا لتمييز سياسي واقتصادي" ضدهم بما في ذلك قلة فرص الوظائف وفرض قيود عليهم في بناء المساجد.

وفي القطيف معقل الشيعة يقول سكان انهم يخسرون فرصة العمل لصالح سنة أقل كفاءة وانهم يعانون من قيود في ممارسة الشعائر الشيعية في المدارس التي يهيمن عليها السنة ومازالت فرصتهم ضئيلة في وسائل الاعلام.

وقال الصفار ان الموقف بدأ يتحسن وان الحكومة اصدرت بعض التصاريح لبناء مساجد لكن بشروط تشمل قيودا على الحجم.

وقال الصفار ان البيان الذي صدر عن اجتماع تمهيدي للحوار الوطني في العام الماضي والذي اعترف صراحة بالتعددية في الفكر الاسلامي في المملكة ودعا الى مشاركة سياسية في النظام الملكي لم يؤت ثماره بعد.

وقال "نريد ان نرى تطبيق هذه التوصيات."