مجلة الاجتهاد والتجديد تنشر دراسة لسماحة الشيخ الصفار

الاجتهاد والتجديد في الفقه الإسلامي

مكتب الشيخ حسن الصفار علي الأصيل

«الاجتهاد والتجديد في الفقه الإسلامي» هو عنوان الدراسة التي كتبها سماحة الشيخ حسن الصفار، ونشرتها مجلة «الاجتهاد والتجديد» الصادرة عن مركز الدراسات الفقهية المعاصرة في بيروت، في عددها الأول «شتاء 2006م - 1426هـ».

افتتح سماحة الشيخ دراسته ببيان ضرورة وجود المجتهدين والفقهاء الأحياء، وإن كان هناك إجماع على صحة تقليد الميت استمرارًا، وابتداءً على خلاف بينهم.

انتقل الشيخ الصفار بعد مقدمته إلى حديث مفصَّل وضَّح فيه أبعاد المشكلة التي واجهها الفقه الشيعي في وقت مبكر، ألا وهي ممارسة النقد العلمي لآراء الفقهاء السابقين، لا الجمود عليها، ذاكرًا الشيخ الطوسي «شيخ الطائفة»، كمثال للعالم الموسوعي الذي لم يُطرح أي رأي مقابل رأيه، لأي سبب كان، من قبيل عدم وجود الشخصية التي تحاكيه علمًا وفقهاً، أو لحسن ظنٍّ برأيه وفتاواه.

وفي المقابل، ذكر سماحة الشيخ الصفار «ابنَ إدريس الحلّي» كمثال آخر خاض معركة التجديد، فرأى أن تكليفه الشرعي يفرض عليه القيام بثورة ضد مبدأ تقديس الشخصية والتسليم المطلق بآرائها، فكان من نتائج تلك الثورة كتاب «السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى»، حيث ناقش فيه معظم آراء الشيخ الطوسي، ذاكرًا الآراء المخالفة له بكل جرأة، مما سبب له الكثير من المتاعب، لكنه فتح الطريق أمام الفقهاء الذين أتوا بعده أو كانوا معاصرين له، ليقولوا آراءهم بكل جرأة وشجاعة.

وتحت عنوان «الاجتهاد دعوة إلى التجديد» أكد الشيخ الصفار حاجة الأمة إلى التجديد في الفكر والفقه في كل عصر وزمان، وبخاصة أمام التحديات التي تعصف بالأمة، فالآراء الفقهية السابقة مرهونة بالوضع الذي كان يعيشه الفقيه اجتماعيًّا وثقافيًّا. مع التغيرات والتطورات التي حدثت على جميع الصُّعُد، تبرز الحاجة أكثر للتجديد، لأن التغير في الموضوع يلازمه التغير في الحكم، إضافة إلى إتاحة الفرصة للفقيه المعاصر في استقصاء النصوص الشرعية والاطلاع على الآراء الفقهية وأدلتها بيسر وسهولة.

ولأن الفقيه الذي يتبنَّى منهج التجديد يواجه عقبات لا بد منها، ذكر الشيخ الصفار بعضًا منها تمثَّل في:

- سيطرة الأجواء المحافظة التي ترفض الرأي الآخر في الحوزات العلمية والأوساط الدينية غالبًا.

- غلبة الأغراض المصلحية، فتثار الشكوك والاتهامات تجاه صاحب الرأي الجديد.

والمعاناة التي أخذ ابن إدريس نصيبه منها، وأفاض في سردها الشيخ الصفار، حالة متجددة يواجهها كل عالم لا يكون أسير رأي عالم سبقه أو معاصر له، فقد ضرب سماحة الشيخ مثالاً بالشهيد المطهري الذي طرح مشكلة تطور الفكر والفقه الإسلاميين، مستشهدًا - في واحد من أحاديثه بمقولة: " إن التقية من أصحابنا أهمُّ وأعلى".

وكمثال آخر ورد في الدراسة، ما حدث للسيد محسن الحكيم «رحمه الله» عندما تغيَّر رأيه وأفتى بطهارة أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن ألحق بهم، حيث ثارت ضده زوبعة من قبل بعض الأطراف الدينية.

ومثال ثالث، ما حدث للسيد الإمام الخميني «رحمه الله» عندما أفتى بجواز الشطرنج إذا لم يكن فيه قمار مالي.

وفي نهاية الدراسة، أكد الشيخ الصفار أن الاستسلام لهذه المشكلة والخضوع لها، يكلف الإسلام ثمنًا باهظًا، باعتبار أن الاجتهاد ليس من الترف الفكري، بل هو طبيعة تقتضيها حياة الإنسان، إضافة إلى أن الاجتهاد يظهر حيوية الفكر والفقه الإسلاميين وصلاحيته لكل زمان ومكان.

وبكلمة مختصرة، تكمن أهمية الاجتهاد والتجديد في عصرنا هذا، وفي كل عصر، لما تواجهه الأمة الإسلامية من تحديات كبيرة على مختلف الصُّعُد، الفكرية والسياسية والاجتماعية، فلا بد للعلماء والمفكرين من تلمُّس طريق الخلاص والارتقاء إلى مستوى التحدي.

«لقراءة الكتاب اضغط هنا»