هل أهل البيت عظماء؟

مكتب الشيخ حسن الصفار عبدالباري أحمد الدخيل

الأول: هل أهل البيت عظماء؟

الثاني: نعم بل مما لا شك فيه.

الأول: لو كانوا من العظماء لذكرهم «د. مايكل هارت» في كتابه «المئة الأوائل».

الثاني: يكفي أنه جعل رسول الله أول الأوائل.

الأول: لكنه ذكر أمثال هتلر وجنكيز خان.

الثاني: لعله لم يقرأ عن أهل البيت لذلك لم يعرفهم فيدرجهم في الأوائل.

تذكرت هذا الحوار وأنا أتصفح الكتاب الجديد لسماحة الشيخ حسن الصفار «الأوقاف وتطوير الاستفادة منها» ورددت مع نفسي السؤال المر الذي أثاره سماحته: ماذا يعرف العالم عن أهل البيت [1] ، حقا ما تقول يا شيخ بل نحن ماذا نعرف عن أهل البيت .

«إن استفادة العالم من أهل البيت ، ترتبط بمدى توفر فرص التعرف على سيرتهم وتراثهم، لقد عاش أئمة أهل البيت في أوساط الناس حوالي 250 سنة، قدموا خلالها عطاءهم العلمي، وتجربتهم الاجتماعية، لكن هذا العطاء وتلك التجربة لا تمتلك حضوراً مناسباً في ساحة المعرفة العالمية. حيث لا تزال شخصيات أهل البيت مجهولة في الأوساط العلمية، ولا يزال تراثهم محدود التداول والانتشار» ص32.

هل نحن مسئولون عن هذا الغياب؟

نعم.. فعلاقتنا بأئمتنا وبأهل البيت غالبا تتركز «في المظاهر العاطفية، ضمن برامج وأساليب تقليدية متوارثة». ص 33.

إذا لماذا لا يوجه الوقف للتعريف بأهل البيت «ففي الجامعات العالمية المعروفة بتخصصاتها المختلفة، وفي معاهد الأبحاث والدراسات المشهورة، لا تجد حضوراً لأسمائهم، ولا تناولاً لآرائهم وأفكارهم، ولا اهتماماً بدراسة حياتهم وتجربتهم». ص32.

فهل تنهض أوقاف أهل البيت بهذه المهمة الأساسية؟

وهل تقوم بهذا الدور المطلوب؟

وكيف يمكنها الاستجابة للتحديات التي يواجهها المجتمع الإسلامي الشيعي؟

وهنا قد يقول قائل: ربما لأننا لا نملك الإمكانيات المادية التي تعيننا على التعريف بهم وبتاريخهم، هذا مع اعترافنا بـأن «تاريخ حياة أئمة أهل البيت لا يزال بحاجة إلى المزيد من البحث والدراسة، وفي سيرة كل إمام هناك محطات ومواقف هامة تستلزم التحقيق وتسليط الأضواء، ولم تعد الجهود الفردية قادرة على إنتاج البحوث والدراسات المواكبة لتطور مناهج البحث العلمي، مما يعني ضرورة تأسيس مراكز ومعاهد أبحاث متخصصة لدراسة حياة كل إمام، أو لبحث كل جانب من جوانب حياتهم وعطائهم .

كما أن تأسيس كرسي باسم أهل البيت لدراسة فكرهم في الجامعات العلمية العالمية أمر مطلوب وملح في هذا العصر.

أليس من المؤسف ألا يكون لدينا مركز علمي واحد لدراسة حياة أي من الأئمة الهداة، مع امتلاك كل إمام لثروة وقفية هائلة باسمه ولغرض إحياء ذكراه؟» ص46.

أليست لدينا إمكانيات؟

إن أوقاف أهل البيت في القطيف كنموذج تمثل نسبة عالية فهي «لا تقل عن 75%... الأوقاف تشكل نسبة 60% من مجموع حقول القطيف» ص22.

وفي تاروت تمت عملية إحصاء فكانت نتيجته أن «مجموع الوقوفات التي تم رصدها 219 وقفاً لمختلف الأغراض منها 151 وقفاً خاصاً بأهل البيت . وتشكل نسبة 69%»ص 22.

ومن مجموع الموقوفات في الأحساء «وصل عدد الموقوف على أهل البيت 70%» ص21.

وكذا في البحرين فهي «تزيد على نسبة 75% من مجمل الأوقاف» ص 22.

إذا أين الخلل؟ وما هي المشكلة؟

«هناك عائقان رئيسان لا بد من تجاوزهما لتفعيل دور أوقاف أهل البيت من أجل خدمة رسالتهم في هذا العصر» ص42.

«الأول: العائق التنظيمي الإداري.. حيث لا تزال أغلب الأوقاف تدار بشكل فردي من قبل الأولياء عليها» ص42.

إننا بحاجة إلى «وجود مؤسسة ترعى الأوقاف في كل منطقة، وتشرف على إدارتها، وتخطط لترشيدها وتنميتها وتطويرها، فإن أداء الأوقاف لرسالتها لن يكون بالمستوى المطلوب، بل قد يكون بعضها عرضة للضياع، وقد يحصل التلاعب في ثرواتها، وفي أفضل الفروض تكون مجمّدة ومقتصرة على القيام ببعض الأدوار التقليدية المألوفة.

إن من الضرورة بمكان، لحفظ مستقبل الأوقاف، ولتفعيل دورها في خدمة الدين والمجتمع، وجود مثل هذه المؤسسة، والتي يجب أن تتمتع بمستوى من الشرعية الرسمية القانونية من قبل الدولة، وبإشراف من الجهة الدينية المتمثلة في علماء الشيعة المحليين» ص 43.

العائق الثاني: جمود وتقليدية الاهتمامات.

«إن أوقافاً كثيرة بأسماء الطاهرين من أهل البيت ، لكن الاستفادة منها غالباً ما تنحصر في بعض البرامج التقليدية كإقامة مجالس العزاء والإطعام في المناسبات الخاصة بهم، بينما يمكننا الاستفادة من هذه الثروة الهائلة في إحياء ذكر أهل البيت على المستوى العالمي، وفي نشر تراثهم المعرفي على أوسع نطاق، لو اتسعت عقليات القائمين على هذه الأوقاف لاستيعاب هذه الاهتمامات والتوجهات» ص45.

وهنا يأتي سؤال مهم: ماذا نفعل والمفترض أن الوقف لا يصرف إلا فيما أوقف له، وأكثر أوقافنا محددة الأغراض؟.

«يمكننا أن نتوسع في عنوان الإطعام إلى جانب الأسلوب المتعارف من تقديم الطعام للمشاركين في إحياء المناسبة، بوضع برنامج لتوفير الاحتياجات الغذائية للفقراء في المجتمع من خلال المناسبة، حينما تتسع إمكانيات الوقف.

ويمكننا أن نتوسع في عنوان إقامة مجالس العزاء، ليشمل مناطق أخرى في العالم، إن لم يحدد الواقف مكاناً خاصاً، أو أن نعمل لبث مجلس العزاء من نفس المكان المقرر ضمن وسائل إعلامية ومعلوماتية متطورة.

وحين يكون الوقف خاصاً بحسينية معينة، فإنه يمكننا تطوير برامج تلك الحسينية، بإنشاء مكتبة فيها، وتكوين موقع إلكتروني باسمها، وإقامة مؤتمرات ودورات ضمنها، وإصدار مجلة أو نشرة، وما شابه ذلك» ص47.

طويت الأوراق، ووضعت الكتاب بين كفيّ وأنا اهمس لنفسي: إذا كان الظلم وضع الشيء في غير مكانه، أليس من الظلم أن نمتلك كل هذه الأوقاف وما زال العالم لا يعرف شيئا عن أهل البيت ؟

إن أول مهمة لأوقاف أهل البيت يجب أن تكون التعريف بهم، وإحياء ذكرهم وأمرهم على مستوى الأمة والعالم.

فهل تنهض أوقاف أهل البيت بهذه المهمة الأساسية؟

وهل تقوم بهذا الدور المطلوب؟

كم أتمنى ذلك.