بشائر الإصلاح السياسي

الشيخ حسن الصفار *
القطيف: تركي مكي علي

سماحة الشيخ الصفار يُبارك للعراقيين عرسهم الإنتخابي، ويُدين إساءة قناة الجزيرة لمقام المرجعية


الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين


بارك سماحة الشيخ حسن الصفار للشعب العراقي العرس الانتخابي الذي تم في 15 ديسمبر 2005م، مؤكداً أن هذه الانتخابات تدخل العراق عهداً جديداً يؤسس فيه الشعب دولته بملء إرادته وحريته، ومن جانبٍ آخر أدان سماحته إساءة قناة الجزيرة الفضائية لمقام المرجعية، مؤكداً على ضرورة احترام حرية الإعلام، مضيفاً أن الحرية لا تعني جرح مشاعر الناس والإساءة لرموزهم الدينية والاجتماعية، مشيداً بالدور الذي يقوم به المرجع السيستاني في الساحة العراقية.

وفي إطار حديثه عن الأوضاع الراهنة في المملكة العربية السعودية أشاد بالمبادرة الكريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين لعقد مؤتمر القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وما يُميّزه دعوة الملك لمجموعة من علماء الأمة لكي يضعوا خطةً لهذا المؤتمر، ويرفعوا آراءهم وأفكارهم. مشيداً بالقرار الذي ينص على الاعتراف بكل المذاهب الإسلامية المعروفة، داعياً إلى ضم مذهب الاسماعيليه السليمانية ضمن المذاهب المعترف بها.

وفي ختام كلمته التي ألقاها في مسجد الفتح بالقطيف ظهر الجمعة 13 ذو القعدة 1426هـ (16 ديسمبر 2005م) أشاد سماحته بمؤتمر الحوار الوطني الخامس الذي انعقد في أبها، وأكد أن الأهم بالنسبة لمؤتمر القمة في مكة والحوار الوطني أن تأخذ التوصيات والقرارات طريقها للتنفيذ والتطبيق.



وفيما يلي تلخيص لأبرز أفكار هذه الكلمة:



الإنصاف لغةً: مأخوذة من مادة نَصَفَ، ونَصَفَ تعني شطر الشيء، والنصف هو الشق الآخر من الشيء.

وفي الاصطلاح: الإنصاف يعني استيفاء الحقوق لأربابها.

ويُمكن من خلال مراجعة النصوص والأحاديث أن يقال: أن الإنصاف أن تُعطي الآخر ما تُحب أن تأخذه لنفسك لو كنت في مكانه.

وعند الجمع بين المعنى اللغوي والاصطلاحي يُمكن أن نقول: أنه حينما يكون هناك شيءٌ مشترك، فإذا استولى عليه أحد الطرفين، وتجاهل حصة الآخر، فذلك خلاف الإنصاف. وكذلك إذا أخذ أحد الطرفين أكثر من حصته على حساب الطرف الآخر فذلك أيضاً خلاف الإنصاف، أما إذا أخذ حصته المشروعة وترك للآخر حصته الكاملة فذلك هو الإنصاف.

حين الإنصاف يحصل التراضي، ولا يحق لأحد أن يغضب من ذلك، وإذا افتعل أحد الغضب فإن العقلاء من الناس يلومونوه لأن كل طرفٍ أخذ حقه الطبيعي. وإذا حصل العكس، بمعنى لم يتحقق الإنصاف، فيكون هناك إنكارٌ لحق الطرف الآخر، أو تحجيمٌ لحقه، فهذا يُسبب عدة أمور:

أولاً- يشعر الطرف الذي أخذ أكثر من حقه بالتعالي، وأنه استطاع بقوته أن ينتزع أكثر من حقه، وهذا يُشجعه أن ينتزع من الآخرين حقوقهم، فيُصبح ذلك نهجاً له.

ثانياً- يشعر الطرف الذي أعتدي على حقه ولم يُنصف بالغبن، وأنه مظلوم، وقد يُفكر في الانتقام ليستعيد حقه، وهذا يؤسس لحالة الصراع والخصومة. ولذلك فإن أغلب الصراعات والخصومات تنشأ بسبب اعتداءٍ على حق، وغياب الإنصاف.

من هنا جاء الدين ليؤكد على الإنصاف، وعند مراجعة النصوص الدينية يُمكن القول: أن مفهوم العدل والقسط مرادفان لمفهوم الإنصاف، يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ (النحل، 90)، وفي آيةٍ أخرى يقول تعالى: ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (الحديد، 25).


الإنصاف بين الجماعات



حينما يتشكل مجتمع من جماعات متعددة، فبما أنهم يُشكلون مجتمعاً واحداً فإنهم شركاء في إدارة شؤون المجتمع، والثروات الراجعة إلى المجتمع، وفي الحقوق والواجبات. فإذا حصل تجاهل لحق فئةٍ من الفئات، فهذا خلاف الإنصاف، وكذلك لو أعطيت أقل من حقها.

وحينما يكون هناك خلافٌ للإنصاف، فهذا يؤسس للاختلاف ويمنع الوحدة والانسجام، ولذلك يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «الإنصاف يرفع الخلاف، ويُوجب الائتلاف.» (غرر الحكم، 1781)

لا يمكن أن يكون هناك وحدة وائتلاف مع وجود تهميش وجورٍ على حق هذه الفئة أو تلك، ورفع شعارات الوحدة في ظل غياب الواقع الذي يتحلى بالإنصاف وإعطاء كل جهةٍ حقها فإنها تبقى شعارات جوفاء وفي أي لحظة من اللحظات يشعر الطرف المغبون بأنه قادرٌ على الانتقام لنفسه فسوف لا يتوانى في الدفاع عن حقوقه.

من ناحيةٍ أخرى فإن معادلات الحياة تتغير، حيث أن القوى الأخرى في العالم حينما تُلاحظ وجود اعتداء على حقوقٍ فئةٍ ما من أي مجتمع فقد لا تتفاعل مع هذا الأمر في فترةٍ زمنيةٍ معينة، ولكنها قد تتفاعل مع الموضوع إما لوجود دافعٍ أخلاقي، أو لوجود مصلحةٍ في التدخل للدفاع عن الفئة المظلومة، أو تظاهراً بالدفاع عن الفئة المظلومة.

وخاصةً في وقتنا المعاصر نرى أن الشعارات الأخلاقية أصبحت رائجة ومتداولة في العالم وتُتخذ على أساسها مواقف، ومنها: الدفاع عن الأقليات، الدفاع عن الحريات، الدفاع عن حقوق الإنسان.


مشكلة الشرق الأوسط غياب الإنصاف



ولعل من أهم المشاكل التي يُعاني منها الشرق الأوسط هي مشكلة غياب الإنصاف، وبه يحصل الخلاف والصراع، وفي مرحلةٍ متقدمة يحصل الاقتتال والحرب، وتكون الأرضية مهيأة لتدخل القوى الخارجية، وذلك ما حصل في أكثر من بلدٍ إسلامي وعربي، كالسودان ولبنان وأفغانستان والصومال.

وهذا ما أسس للاحتلال الأمريكي للعراق، فالأمريكيون والقوات المتحالفة جاءت بهذا العنوان، حيث كان في العراق حكمٌ ظالم مستبد، همّش فئات ولم يُعطها حقوقها، بل سحقها وأهانها، وهذا ما صنعه مع الأكراد والشيعة. طبعاً الحكم كان ينتمي عائلياً واجتماعياً لأهل السنة في العراق، لكننا وإنصافاً منا لا نُحمّل مذهب السنة ولا كلّ أهل السنة جرائم النظام السابق في العراق، وأن النظام الصدامي تمترس داخل هذا الخندق الطائفي، وسلّط حاشيته وأتباعه على العراق كلّه.

لا شكّ أن أهل السنة جزءٌ من الشعب العراقي، ولا أحد يُنكرهم، ولا أحد يقبل بالتجاوز على حقوقهم، ولكن ينبغي أن يكونوا شركاء مع بقية الشعب العراقي، فيأخذون حقهم بمقدار حجمهم، والأكراد كذلك والشيعة أيضاً، بحيث أن كل فئةٍ من الشعب تتمتع بحقوقها وحريتها.

لكن هذا ما لم يكن قائماً أيام النظام الزائل في العراق، وذلك باعتراف الجميع، ولا يُجادل فيه إلا مكابر.

إذن لم يكن هناك إنصافٌ وعدل، وهذا حوّل العراق إلى جحيم وإلى ساحة صراعٍ وخصومات، وأتاح الفرصة للسياسات الظالمة التي قام بها النظام العراقي الزائل، وبالتالي أعطى الذريعة للتدخل الأجنبي في العراق، وجاءت القوات الأجنبية للعراق لتسقط النظام بمختلف الذرائع والحجج، لكنه نظامٌ كان يستحق الإسقاط، وليس هناك عاقل يأسف على سقوطه، وكنا نتمنى أن يسقط النظام على يد أبناء شعبه، ولكن الظروف تكالبت على هذا الشعب. وقد قدّم آلاف الضحايا من المراجع والشباب والمثقفين ومن المهجرين، ولكن الظروف لم تكن في خدمة الشعب.


رؤية حول الوضع في العراق



الوضع في العراق الآن يتجه باتجاهٍ آخر وهو اتجاه نموذجي، فكلنا نشعر بسعادةٍ بالغة لنجاح الانتخابات يوم أمس (15 ديسمبر 2005م) في العراق، رغم ما مرّ على الشعب العراقي خلال السنتين الماضيتين من فنون الجرائم والإرهاب والاستهدافات المختلفة لكن إصرار القيادة الدينية في العراق المتمثلة في المرجع الأعلى السيد السيستاني (حفظه الله) وإصرار القوى السياسية ووعي الشعب العراقي هو الذي فوّت الفرصة على الأعداء.

لا أحد يريد أن يستبد بالحكم في العراق، فالعراق لجميع طوائفه وشرائحه، ومن حقّ الجميع ممارسة حريتهم والتنعم بالحقوق الكاملة حسب حجم كل فئة.

ولكن كيف يُمكن أن يُعرف حجم كل فئة؟ التجربة البشرية وصلت إلى أسلوب الانتخابات كأفضل طريق، وهي التي تُبيّن حجم كل طرف من الأطراف، ثم يتشاركون كلٌّ بحجمه.

في الانتخابات الماضية بعض الأطراف وهم أهل السنة في العراق، وبسبب الأطراف المتشددة التي اختطفت قرارهم قاطعوا الانتخابات، لمبررات واهية تتمثل في رفض الانتخابات في ظل الاحتلال. و واضح أن الهدف من هذا المبرر عرقلة المسيرة السياسية، ونحن نجد أن الشعب الفلسطيني يُقيم الانتخابات رغم وجود الاحتلال، وكذلك حصل في أفغانستان. ثم ما البديل؟

الانتخابات هي التي تكون قيادة مجمع عليها فتتصدى للاحتلال، وبعدم وجود مثل هذه القيادة فكيف يُمكن أن يكون التصدي للاحتلال؟

وقد أكدت المرجعية الدينية أنها ضدّ الاحتلال، ولكنها ولعمق وعيها بالتجارب التي مرّت على الأمة والشعوب، أصرّت على أن يكون لهذا الشعب دستور يتفق عليه جميع الشعب العراقي، ثم تتكون قيادة مجمع عليها، وبعد ذلك يكون التصدي للاحتلال بالسلم أو بالحرب، وهذا هو الرأي السديد. وإن كان بعض الأطراف لم يتفهم هذا الرأي وبعضها تعمّدت أن لا تتفهم لأن لها أغراضاً أخرى، وبعضها انطلقت من منطلقات طائفية، كما سمعنا خلال الأيام الماضية –مع الأسف- عبر قناة الجزيرة الفضائية، مع أننا نحترم حرية الإعلام، ونقدّر الدور الذي لعبته هذه الفضائية في توسيع الأفق الإعلامي في العالم العربي وعلى المستوى الدولي، لكننا نرفض هذه الإساءة التي توجهت إلى مقامٍ ديني جماهيري كبير يحترمه الشعب العراقي وتحترمه شعوب المنطقة، ولم تصدر منه إساءة إلى أي طرفٍ من الأطراف، فهو يُدافع عن حقوق العراقيين أجمعين، وله العديد من المواقف الناضجة والمتزنة، وكل من قرأ مواقف هذه القيادة الدينية وكان منصفاً أكبر هذه المواقف. وتأتي هذه الفضائية عبر برنامج معين وتشوّه سمعة هذه المرجعية، وهذا يجرح مشاعر جمهور عريض.

ونحن حينما تختلف قناة الجزيرة مع نظام من الأنظمة السياسية نقول: إن القناة تريد أن تتمسك بحريتها، ولكن هل ممارسة الحرية تعني أن تجرح مشاعر الناس؟ أو تُسيء إلى رموزهم الدينية والاجتماعية؟ وهي إساءة بغير حق، وواضح أن فيها تحاملاً وتهريجاً، ولكن لا يضر مقام المرجعية هذا الكلام، ولا يضر الشعب العراقي. الحمد لله لقد نجح الشعب العراقي في الامتحان، وكانت الانتخابات على أروع ما يكون، مع كل ما هو موجود وقائم في العراق، فكل المراقبين كانوا منبهرين بنجاح هذه الانتخابات.

من جهةٍ أخرى لا يُمكن المقارنة بين الوضع في مصر والعراق ولكن ما حصل في الانتخابات الأخيرة في مصر من قتل وضرب واعتراض ومشاكل، فإن هذه الظواهر لم تحصل في العراق مع وجود نظام في مصر، ووجود الاحتلال والاختلاف والإرهاب في العراق. وهذا يعني أن الشعب العراق يدخل الآن عهداً جديداً، ونأمل أن يكون فرز الأصوات أيضاً بشكلٍ نزيه وحيادي بحيث يأخذ كلّ ذي حقٍ حقه، ليتحقق بذلك نموذج جديد في الشرق الأوسط، لدولةٍ تتأسس من جديد، لشعبٍ يضع دستوره بملء حريته وإرادته، ويبني دولته بانتخابه وباختياره، ونأمل أن تكون هذه التجربة رائدة، وأن ينجح الشعب العراقي في إكمال مسيرته نحو بناء دولته واستعادة حريته واستقلاليته وسيادته إن شاء الله.

بشائر سيادة نهج الإنصاف



هناك مؤشرات ومبشرات بأن هذا النهج، نهج الإنصاف والمشاركة، يطل الآن على الشرق الأوسط كلّه، ومنها: الانتخابات في مصر، مع كل ما شابها، فيها نسبةٌ من الإنصاف لتيارٍ إسلامي كان مقصياً لعقود من الزمن، وفي هذه الانتخابات أعطيت له فرصة لكي يُعبّر عن نفسه وعن وجوده، وإن كان أصحاب هذا التيار يرون انه لو كانت الفرصة متكافئة مع الأطراف الأخرى لكان نصيبهم أكثر، لكننا نأمل أنها بداية طيبة إن شاء الله.

كما أنه لابد من الإشادة بمقررات مؤتمر مكة، مؤتمر القمة الاستثنائية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حيث اجتمعت القيادات الدول الإسلامية في مكة، بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الذي دعا إلى هذا اللقاء، ودعا قبل اللقاء مجموعة من علماء الأمة من كل الدول لكي يضعوا جدولاً لبحوث هذا المؤتمر، ويرفعوا آراءهم وأفكارهم، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الشيء، إذ أن المعتاد أن التنسيق للبرنامج يكون من قبل وزارات الخارجية، ولكن هذه المرة وبمبادرة الملك تمت دعوة علماء الأمة ومفكريهم ليكون تحديد القضايا عبرهم، وهي مبادرة رائعة، وقد التقيت مع بعض العلماء الذين شاركوا في هذا المؤتمر فأشادوا بالأجواء والطرح القيم، وانعقدت القمة وكانت قراراتها والحمد لله رائعة، خاصةً تلك القرارات التي تُعالج مشكلة عدم الإنصاف داخل الأمة، ومن أهم تلك القرارات القرار الذي ينص على أن المذاهب المعروفة (مذاهب السنة، ومذاهب الشيعة، والأباضيه) كلها تُعتبر مذاهب إسلامية مشمولة بالإسلام ولا يصح تكفير أحد من أبناء هذه المذاهب، وكنا نأمل أن لا يُستثنى الإسماعيلية، وخاصةً من نعرفهم في المملكة العربية السعودية.

صحيح أن هناك بعض الفرق الإسماعيلية رؤيتهم ونهجهم الديني غير واضح، على الأقل أمامنا، لكن هؤلاء الموجودين في نجران (الإسماعيلية السليمانية) وكذلك الموجودين في الهند (الإسماعيلية الداؤودية البهرة) واضحٌ من هاتين الفئتين أنهما يلتزمان بمعالم الإسلام وشرائعه وفرائضه. وماذا نريد أكثر من قومٍ يُعلنون الشهادتين، ويُصلون إلى القبلة، ويحجون بيت الله الحرام، ويصومون شهر رمضان، ويؤدون الزكاة، ويعترفون بالفرائض، ويؤمنون بمرجعية القرآن والسنة، فماذا نطلب منهم أكثر من ذلك حتى نحكم بإسلامهم؟ وأما من حيث أن لديهم آراء ومعتقدات وتوجهات تخصهم، فكذلك لكل مذهب آراء وتوجهات ومعتقدات تخصه. فمادامت الأسس والأركان الرئيسية في الإسلام متحققة فيهم فهم مسلمون، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم. ونأمل أن يُتلافى هذا النقص في المستقبل ونطمئن إخواننا في نجران أننا معهم وأننا نؤيد مطلبهم، ونطالبهم أن يتحركوا أكثر على مستوى العالم الإسلامي، حتى تُعرف توجهاتهم، وليسمحوا لي بأن أحملهم قسطاً من المسؤولية، إذ أ، تقصيرهم في التحرك هو الذي أتاح الفرصة لمثل هذا الخطأ، فعليهم أن يُكثّفوا تحركهم مع بقية المذاهب الإسلامية، والحوزات العلمية، والمراجع، والمؤسسات المختلفة، حتى يكون هناك تعرّف مباشر عليهم. أما إذا غابوا عن الساحة أو ضعف حضورهم فهذا هو الذي يُتيح الفرصة والمجال لتشويه سمعتهم.

وأخيراً لا بد وأن نشيد بمؤتمر الحوار الوطني الخامس الذي انعقد في أبها، وبُثّت جلساته على الهواء مباشرةً، ورأى الشعب كلُّه كيف أن نُخبةً من أبنائه من مختلف المذاهب والمناطق والتوجهات يجلسون معاً ويتحاورون ويتناقشون، هذه الصورة التي كان يجب أن تكون هي الأصل والأساس، ولكن –مع الأسف- كانت غائبة، ولم تكن متوفرة في الماضي، فكان السائد هو القطيعة والتنافر والتباعد، أما الآن فإن الحوار الوطني يؤسس لحالةٍ جديدة، نأمل أن يستمر هذا النهج، وهذا التوجه.

والأهم بالنسبة لمؤتمر القمة في مكة والحوار الوطني أن تأخذ التوصيات والقرارات طريقها للتنفيذ والتطبيق، أما إذا بقيت حبراً على ورق، فهذا يُصيب الناس بالإحباط، ولكن هناك مؤشرات كثيرة طيبة تبعث على الأمل والتفاؤل.

نسأل الله تعالى أن يصلح أمور المسلمين وأن يوفق قادتهم للخير والعدل وأن يوحّد صفوفهم ويجمع كلمتهم على التقوى والصلاح إنه ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين.