الشيخ الصفار يدعو شباب الأحساء لممارسة النشاط السياسي والحقوقي
دعا سماحة الشيخ حسن الصّفار في معرض إجابته عن أسئلة دارت على هامش محاضرة ألقاها في الأحساء إلى أن يمارس الشباب نشاطهم في الشأن العام، السياسي والحقوقي، وأن لا يكون هذا الشأن محتكراً على أشخاص أو جماعات بعينها دون غيرها.
وتناول الشيخ الصفار في كلمته ليلة البارحة في احتفال في ذكرى مولد الإمام الرضا في قرية الطرف بالأحساء مسألة قبول الإمام بولاية عهد المأمون العباسي وأسباب طرح ولاية العهد من قبل المأمون على الإمام الرضا حيث أشار إلى تعدد آراء المؤرخين حول هذا الموضوع.
فمنهم من ذكر أن المأمون تصرف بحكمة وبعد نظر، إذ رأى أن الحق لدى أهل البيت وقد نذر على نفسه إبان صراعه مع اخيه على الخلافة، إن انتصر أن يعيّن ولياً للعهد أجدر شخص من اهل البيت. وقد ذهب لهذا الرأي بعض المؤرخين.
إلا أنه ذكر أن أغلب المؤرخين يرون هذا التصرف من المأمون ما هو الا تكتيك سياسي محض، أراد به لملمة حكمه شبه المنهار بعد نزاعه الدامي مع أخيه الأمين، فأراد ان يسكت العلويين ويرضيهم بشكل مؤقت حتى يتسنى له تقوية حكمه، فألح على الامام الرضا بقبول هذا المنصب بعد أن رفضه الإمام لعلمه بنية المأمون.
واشار الشيخ الصفار بأن الإمام اضطر لقبول هذا المنصب لأنه كان أمام خيارين، إما التصادم مع المأمون أو القبول بولاية العهد وفتح سنوات من الاستقرار على أتباع أهل البيت، وهو ما حدث حيث كان للإمام نهضة علمية واسعة، وكان يناظر في مجلس المأمون شتى العلماء من مختلف الطوائف والأديان، ما أدى لانتشار علوم اهل البيت .
وهنا لفت سماحة الشيخ الصفار إلى أنّ الشأن السياسي ليس فيه نظرية ثابته أو حل معلّب للتعاطي في الشأن السياسي، فلا هناك مقاطعه دائمة ولا تحالف دائم، وما يصلح لمجتمع قد لا يصلح لآخر.
وأضاف "حينما لا نرضى عن حكومة ما، فلا يمنعنا ذلك في المشاركة فيها خدمة للصالح العام، مدللاً على ذلك بمشاركة الإمام علي في إدارة شؤون الدولة في عهود الخلفاء الثلاثة الأوائل" مستشهداً بالمقولة الشهيرة للخليفة الثاني (لا ابقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن).
وأضاف أنّ الصحابة ايضاً، كسلمان الفارسي رضوان الله عليه، قد شارك في الدولة وتولى مهاماً فيها، كل هذا في مقابل موقف الامام الحسين عليه السلام الذي ثار وانتفض وحصلت واقعة كربلاء.
واستنتج سماحته من ذلك أن اختلاف الظروف قد يملي اختلاف نمط التعاطي، فهناك مبدءان كانا يحكمان حركة الأئمة السياسية المبدأ الأول: رعاية مصلحة الإسلام والأمة بشكل عام، والمبدأ الثاني: مصلحة الدور الرسالي الذي كان يقوم به كل إمام من الأئمة.
وأوضح أنه على ضوء هذين المبدأين الامام كان يقرر أسلوب وطريقة تعاطيه مع الحكم والظرف السياسي. و"هذا يفتح للمسلمين مدرسة لتناول مثل هذه الامور، فعلى المسلمين في كل عصر دراسة واقعهم بدقة وأن يروا ما هو الأفضل والأصلح لمصلحة الامة والاسلام".
وفي جانب من الحوار الدائر بعد المحاضرة سئل سماحته عن افتقار الساحة في المنطقة للقيادة الموحدة، فأجاب متسائلاً: "هل القيادة قبل النهوض، أم أنّ النهضة تفرز القيادة، حينما نقرأ تاريخ نهضة المجتمعات نجد أن النهضة هي من تفرز القيادات، حيث أن الحراك الاجتماعي هو الذي ينمي الطاقات ويفرز القيادات".
وأضاف "من جانب آخر يجب ألا ننظر للأمر بمثالية مطلقة، وأن عهد الزعامة الموحدة قد ولى وذهب، فاليوم نحن في عصر الجهد الجمعي، والعمل الاجتماعي متعدد، وفيه آراء متعددة، ممثلاً بالوضع في العراق، فهناك مرجعيات متعددة وأحزاب سياسية شيعية كثيرة، لها أفكار مختلفة وكذلك في لبنان.
وأجاب سماحته عن سؤال آخر حول موقفه من الحوار الوطني بعد مشاركته فيه ومضي سنوات على تأسيسه، وقال بأن الحوار حين بدأ أريد له ردم الهوه بين أطياف المجتمع المختلفة، وبناء جسور التواصل والحوار وهكذا حصل في دورته الأولى والثانية.
وأضاف "أما الثالثة، للأسف، غابت هذه الرغبة، وأفرغ الحوار من محتواه، ووجدنا نقاشاً عن امور ثانوية كالتعليم والعمل وغير ذلك، وللأسف، لا نرى دوراً للحوار في إدانة موجات التكفير ضد الشيعة".
ودعا الشيخ الصفار في معرض اجابته عن الاسئلة إلى أن يمارس الشباب نشاطهم في الشأن العام، السياسي والحقوقي وأن لا يكون هذا الشأن محتكراً على أشخاص أو جماعات بعينها دون غيرها.
وأدان خلال اجابته عن سؤال عن القنوات الطائفية، تلك القنوات، شيعية كانت أو سنية، لأنها تحترف التحريض الطائفي وهذا لا يفيد كلتا الطائفتين.