الشيخ الصفار يدعو للتفاعل الإيجابي مع الانتخابات البلدية

مكتب الشيخ حسن الصفار
تهتم الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت في هذه الأيام بالحديث عما أعلنته الحكومة من تشكيل المجالس البلدية عبر الانتخابات لنص الأعضاء وتعيين النصف الآخر، وتضاربت الآراء حول هذه الخطوة، فهناك من يرى أن هذه الخطوة مهمة وستليها خطوات أخرى تكتمل بتوسيع رقعة المشاركة الشعبية في القرارات السياسية والاجتماعية، ويرى آخرون أنها خطوة ناقصة ولا تلبي الطموح الذي يرتقبه الجمهور، بينما يرى آخرون أن هذه الخطوة لا فائدة منها وليست سوى مضيعة لوقت الناس.

فما النظرة الصائبة تجاه هذه الانتخابات؟ وهل ستكون بداية لتوسيع رقعة المشاركة الشعبية؟ وكيف يُمكن التجاوب معها؟

بهذه العبارات افتتح مدير الندوة الحوار واللقاء مع سماحة الشيخ حسن موسى الصفار في جمعية الأوجام الخيرية والذي يتناول موضوع الانتخابات البلدية بالنقاش والتحليل، وكان ذلك مساء الأحد 17 شهر رمضان 1425هـ (31 أكتوبر 2004).

ركز سماحة الشيخ الصفار في كلمته التي افتتح بها الحوار على خلفيات الانتخابات والمستوى المتوقع لتعامل الشعب معها، تاركاً موضوع الأنظمة واللوائح جانباً حيث بإمكان الجميع الاطلاع عليها من خلال الصحف والمجلات أو مواقع الإنترنت.

وتناول في كلمته ثلاث نقاط:

أولاً- أكد الشيخ الصفار أن أفضل صورة وصل إليها الاجتماع السياسي الإنساني هي الصورة التي تتسع فيها رقعة المشاركة الشعبية، حيث يكون للناس رأيٌ في تقرير ما يرتبط بأمور حياتهم، بعكس الوضع السائد في العصور السابقة حيث كانت هناك جهةٌ تحتكر الرأي وتفرضه على الناس، ولا يملك الناس إلا الخضوع لرأي السلطات السياسية.

وأضاف: إن احتكار الرأي بيد فئة محدودة من الناس لا يتناسب مع كرامة الإنسان، إضافةً إلى أنه يتسبب في:

1- شل فاعلية الناس.

2- عندما يشعر الإنسان بالإهمال والإقصاء فإنه لا يُحرك فكره، وبالتالي يقل نشاطه وإنتاجه.

3- كيف يُمكن أن نضمن صواب وإخلاص الفئة التي تحتكر الرأي، إذ من الممكن أن يحصل لها خطأ أو فساد أو انحراف.

ولذلك سعى الناس في المجتمعات المتقدمة لتجاوز هذه الحالة وتوصلوا إلى الصورة الأفضل في هذا الجانب والتي تتمثل في توسيع رقعة المشاركة الشعبية في القرارات السياسية والاجتماعية. وباعتبار أن إمكانية أخذ آراء كل الشعب قد يكون متعذراً إلى حدٍ كبير، فقد كان البديل صيغة التمثيل، حيث ينتخب الناس من يمثلهم ويكون رأيه حاكياً عن آرائهم.

واستنكر الشيخ الصفار الوضع الذي تعيشه المجتمعات العربية والإسلامية حيث ما زالت تعيش حالة الاستبداد، وأن الرأي السياسي والاجتماعي تحتكره جهة معينة.

ويُضيف الشيخ الصفار: إن ما ينبغي أن نسر به وجود توجهٍ في الكثير من مجتمعات الأمة بالعودة إلى مبدأ التشاور الذي كان يسير عليه الرسول الأكرم في الصدر الأول للإسلام، مشيراً أن الانتخابات البلدية يُمكن فهمها ضمن هذا السياق، وهي خطوة في المسار الصحيح، مضيفاً: إنه لا يصح الوقوف عند هذه الخطوة وإنما ينبغي أن تتطور إلى أن تصل إلى الصورة الأفضل التي توصلت إليها البشرية في العصر الحاضر.

ثانياً- دعا الشيخ الصفار إلى التفاعل الإيجابي مع أي مبادرة تخدم الناس والمجتمع، وإن كانت هذه المبادرات دون مستوى الطموح والتطلعات لدى الناس. مشيراً أن هناك من يرى أن الإصلاحات إذا لم تكن في صيغتها العليا فلا يُمكن التفاعل معها. مؤكداً أن الطريقة المثلى هي التفاعل مع هذه الخطوة، والعمل على توسيعها لتصل إلى المستوى المأمول، حيث أن رفضها يجعلنا خارج المعادلة وهذا لن يُحقق شيئاً.

ثالثاً- دعا الشيخ الصفار إلى ضرورة الاستفادة من الانتخابات البلدية لترتيب الأوضاع الداخلية للمجتمع بين شرائحه والتنسيق في دعم المرشح الأنفع والأصلح.

وأكد الشيخ الصفار على ضرورة أن يكون لمحافظة القطيف مجلس بلدي مستقل، مؤكداً أن حديثه عن القطيف ليس من منطلق مذهبي بل من منطلق موقعها الجغرافي.

وفي ختام كلمته دعا إلى تشكيل لجان تعني بمختلف قضايا الانتخابات بحيث تكون في كل منطقة لجنة تسعة لبث الوعي بهذه الخطوة وتحاول ترشيح من تراه مناسباً لتحمل المسؤولية.

ودار حوارٌ شيّق مع الجمهور من الأخوة والأخوات وتناول العديد من القضايا المرتبطة بموضوع الانتخابات، ونقتطف الفقرات التالية من هذا الحوار:

حول موضوع مشاركة المرأة في الانتخابات يقول الشيخ الصفار: ينبغي أن نفصل بين أمرين، بين النظام والرأي؛ مؤكداً أنه من حيث النظام الرسمي لا يبدوا أنه ستكون هناك مشاركة للمرأة في هذه الانتخابات. أما من حيث الرأي فهناك خلاف في الموضوع إذ أن الرأي السائد في البلاد المتمثل في الوسط الديني يرى بعدم مشاركة المرأة في هذه الانتخابات، وأما رأي الشيخ الصفار شخصياً وكثير من العلماء الشيعة يرون أنه لا مانع من مشاركة المرأة في العمل السياسي. مضيفاً أن البعض في الوسط الاجتماعي يرى أن المرأة غير مهيأة إلى الآن للمشاركة في مثل هذه الانتخابات، داعياً إلى ضرورة تجاوز هذه الحالة إذا كانت صحيحة عبر التجربة والتدريب

وأيد الشيخ الصفار رأي أحد الجمهور في هذا الجانب والذي يقول فيه: إذا لم يُسمح للمرأة بالمشاركة في هذه الانتخابات فينبغي أن تنحوا النساء منحاً آخر في المشاركة متمثلاً في التشجيع ودعم هذه الانتخابات، حيث تستطيع المرأة القيام بدورٍ فاعلٍ على هذا الصعيد.

وأشار أحد الجمهور أن عدم المشاركة في الانتخابات بمثابة رسالة موجهة إلى المسؤولين لسد الثغرات الواضحة فيها. مشيراً إلى أن تعيين نصف أعضاء المجلس من قبل الدولة يُثير القلق حول أهلية من ستُعينهم.

وإجابةً على ذلك يقول الشيخ الصفار:

أولاً- بعد لم يُعين المسؤولون أسماء الأشخاص المعينين، فلماذا نفترض مسبقاً عدم أهليتهم، وأن الناس لن يقبلونهم.

ثانياً- المقاطعة رسالة بطيئة وقد لا تصل، لأنك إذا قاطعت فإن غيرك لن يُقاطع. ثم إن المشاركة والتفاعل مع الانتخابات، وبعد ذلك تفعيل دور الاعتراض على الثغرات المجودة يكون أنفع.

وأكد الشيخ الصفار أن رأيه الشخصي يقتضي بضرورة تفاعل المواطنين مع هذه الخطوة، مشيراً إلى أهمية الانفتاح على المسؤولين لتحقيق أكبر قدر من الطموح والتطلعات.

وحول صفات الشخص الذي يُرشّح في الانتخابات، طرح سماحة الشيخ مجموعة من الصفات المهم توفرها في الشخص المرشّح للانتخابات، وهي:

1- أن يكون نزيها.

2- أن يكون صاحب رأي.

3- أن يكون قوي الشخصية، يُبدي رأيه ويُدافع عنه.