الشيخ الصفار يُشارك في مهرجان الأيام الثقافي بمملكة البحرين

مكتب الشيخ حسن الصفار
على هامش مهرجان »الأيام« الثقافي.. الشيخ حسن الصفار:

الإرهاب محصلة طبيعية لخطاب إسلامي قائم على اللاهوت لا الإنسان!


كتب - حسين مرهون

اتّهمَ الشيخ حسن الصفار (رجل الدين سعودي) الإسلاميين بإنتاج خطاب أحادي يعطي مركزية للاّهوت، وفي مقابل ذلك، يحط من قيمة الإنسان ويتغاضى عن حقوقه.

وعزا الصفار إلى ذلك المسؤولية عن شيوع ثقافة النبذ للآخر في المجتمعات الإسلامية، قائلاً إنه، وطوال التاريخ العقدي للإسلام، لم ينتج العلماء صيغةً لخطاب ديني أنسني يوازن بين قضايا الاعتقاد وقضايا الإنسان.

واعتبر اشتمال المدونات الفقهية على أدق التفاصيل في مجال العبادات، وإهمالها لإبداع مفاهيم تتمركز على حياة الإنسان، قصوراً في الخطاب الإسلامي، وطالب كحل لذلك، إيلاء الإسلاميين لهذا الجانب مزيداً من التفكير.

وكان الشيخ الصفار يتحدث الاثنين (25 أكتوبر 2004م) في ندوة فكرية بعنوان «أنسنة الخطاب الإسلامي» على هامش مهرجان الأيام الثقافي.

وفرق الصفار بين الإسلام والخطاب الإسلامي، معتبراً أن الأخير، ماهو، إلا ثمرة لقراءات بشرية حول النص الديني، قابلة للصحّ والخطأ.

وعرّف الخطاب الديني بأنه «النتاج الفكري المنبثق عن قراءة إسلامية للنص الديني، وهو جهد بشري»؛ في حين أن النص «متعالٍ، منزه عن القصور، لأنه صادر عن الحق/ الله».

أما عن «الأنسنة» التي اختارها الصفار لتكون محور محاضرته، فقد قال إنها «اصطباغ الخطاب الإسلامي بالتوجه الإنساني، أي الاهتمام بقيمة الإنسان وحقوقه الحياتية».

خطاب إسلامي أنسني


وفي مسعاه لوضع مسودّة لخطاب إسلامي أنسني، لايصادر على اللاهوت، وفي الوقت نفسه لايتجاهل قيم حقوق الإنسان، استدعى جملة من النصوص الدينية، وسعى عبرها إلى تأصيل فهم للدين قائم على التوأمة بين الجانبين. وضرب مثالاً على ذلك: كيف أن القرآن ابتدأ بـ «البسملة» واختتم بـ «الناس»، معتبراً أن في ذلك دليلاً على أن الإسلام، حينما يعطي أولوية لشؤون الإيمان والاعتقاد، فذلك من أجل غاية نهائية، هي، الإنسان.

مركزية اللاهوت


من جانب آخر رأى الشيخ الصفار أن سيادة الإرهاب وثقافة النبذ للآحر؛ إنما، هي، محصلة طبيعية لخطاب إسلامي، ظلّ مشغولاً لفترة طويلة ببناء فكر متمحور حول «الله»، دون أدنى محاولة لربط هذا الفكر بواقع البشر وحياتهم.

وفي هذا السياق اعتبر العمليات الإرهابية التي توجه للمدنيين أو لغير المسلمين، نتاجاً لعملية فهم ضيق للإسلام؛ وهي، وإن كانت تنطلق من ردة فعل حيال كل أصناف الجور والاستبداد الواقعين على المسلمين، إلا أنها بعيدة، كل البعد، عن «تعاليم الإسلام» ذات القيم الروحية والإنسانية.

أسهبوا في الحديث عن الله!!؟


وحاول الصفار أن يقترح وصفة، قال إنها يمكن أن تشكل خيط نجاة للخطاب الإسلامي، وتنبهه - فيما لو اتخذها دليلاً له - إلى مكامن قصوره.

وأشار ضمن هذا السياق إلى ضرورة أن يوازن الإسلاميون بين «تعظيم الله» و«قيمة الإنسان»، قائلاً: «إن الحديث عن الله، لايصح أبداً، أن يكون على حساب الحديث عن مكانة الإنسان».

وفيما يشبه الردّة على جانبٍ من التراث العقدي الإسلامي، انتقد المدونات التراثية التي أسهبت كثيراً في الحديث عن ذات الله وماهيته وصفاته؛ في حين لم تبدع شيئاً يُعتد به يختص بالإنسان »بالرغم من أن هناك نصوصاً - والكلام للصفار- تحرم الانشغال في الحديث عن ذات الله!«. ودعا الأيديولوجية الإسلامية إلى أن تهتم، إلى جانب الاهتمام بالقضايا العبادية، بخدمة الناس.

كما دعا إلى إعادة النظر في الأحكام المتعلقة بغير المسلم، معتبراً أن الله -من خلال النص الديني- قد كرم الناس جميعهم، دون تفريق بين مسلم أو غير مسلم، متدين أو غير متدين. يقول الصفار «عندما نقرأ النصوص الدينية، نجد أن الله يكرم الإنسان بماهو إنسان، لكن الخطاب الإسلامي دائماً مايسعى لتضيق هذه الدائرة؛ إذ يحصر الكرامة في المسلم، ثم لايلبث ويضيق هذه الأخيرة، فيجعل الكرامة للمؤمن، وهكذا دواليك».

لابد من تجريم الكراهية


وفي النقاش أجاب الشيخ الصفار على مداخلة لأحد الحاضرين سأله عن كيفية تخليص الخطاب الإسلامي من الجوانب السلبية، بالقول «إبداع خطاب إسلامي إنساني، وتجريم الخطابات التي تحرض على الكراهية، ذلك وحده الكفيل بحل هذه المشكلة».

وبخصوص الآيات القرآنية التي تتحدث عن العذاب واللعن والتوبيخ، وما إذا كانت هذه الآيات تعطي إيحاءً بعكس الصيغة «المثالية» التي يتأول عبرها النص الديني، أجاب الصفار «حينما نضع الآيات التي تتحدث عن توبيخ الكفار ضم سياقاتها، سنجد أنها لاتستهدف إلا المجحدين. أي أن الكافر المعني بالتوبيخ في الخطاب القرآني، هو، الجاحد والمعاند، وأما الكافر الذي لاتجري عليه هذه المعادلة، فهو، غير مشمول باللعن والتوبيخ».

كما أرجع الصفار اهتمام علماء الإسلام إلى شؤون العبادات أكثر من حقوق الإنسان إلى الأوضاع السياسية، يقول: «إن الحديث عن حقوق الإنسان، كان يعني، في جانبٍ منه، موقفاً تجاه الوضع السياسي السائد. وذلك، هو، ما أسهم من تأخر أو حتى انعدام ظهور خطاب إسلامي أنسني».