(الشباب وصناعة المستقبل) في الليلة التاسعة للشيخ الصفار
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى﴾.
بهذه الآية بدأ سماحة الشيخ حسن الصفار محاضرته لليلة التاسعة من مراسم إحياء عاشوراء لهذا العام والتي جاءت تحت عنوان (الشباب وصناعة المستقبل) تناول في هذه الليلة 3 مباحث:
الإنسان يتطلع لبناء مستقبله في مرحلة الشباب فهي مرحلة التطلعات والآمال ومرحلة تجلي الآفاق والتخطيط للمستقبل، فعلى أساسها يتحدد مستقبل الإنسان، ففي هذه المرحلة تكون الطاقة في أوجها، وبناء عليه فإن شباب المجتمع هم من يرسمون مستقبل الوطن، لذا تحرص المجتمعات على الاهتمام بشبابها لما لهم من دور مؤثر في رسم عالم نهضة المجتمع وتقدمه. وبين أن مجتمع المملكة مجتمع شاب حيث أن نسبة الشباب فيه تصل إلى 60% وهي نسبة لا نجدها في مجتمعات أخرى كالمجتمع الأمريكي الذي بلغت نسبة الشباب فيه إلى 30 % فقط.
مما يعني أن على الدولة الاهتمام بهذه الشريحة التي يعول عليها الكثير لبناء مستقبل هذا الوطن لكي لا تتسلل لهم حالة الإحباط واليأس، وبين سماحته إلى وجود تحديات أمام الشباب وهي التحديات النفسية والأخلاقية.
فيما يخص التحدي النفسي فقد أشار إلى خطورة حالة الإحباط بسبب ما يراه الشباب من العوائق التي تحول دون حصولهم على التعليم والوظيفة المناسبتين. أما فيما يخص التحدي الأخلاقي، فقد طرح سماحته بعض الإحصائيات بخصوص ظاهرة الإدمان والمتاجرة بالمخدرات، وأن الإدمان سبب رئيس في الكثير من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية مثل القتل والسرقة وانتهاك الأعراض.
وقد ذكر إحصائية خطيرة تبين أن عدد من راجعوا المستشفيات من المدمنين في المملكة وصل إلى 288000 حالة، وأنها في ازدياد وتضاعف مخيف وصل إلى 4 مرات عن السنوات الماضية. وكل ذلك لغياب الوازع الديني والوطني والأخلاقي.كما صرح أن منطقتنا مستهدفة لتكوين طبقة من المتاجرين بهذه السموم والذين يجمعون الثروات الطائلة عن طريق الاتجار بهذه المواد المحرمة.
وأهاب بالجميع لتكوين لجان اجتماعية لرصد حالات الاتجار والإدمان على المخدرات وأن يكون هناك توجه للتغلب على هذه الظاهرة وأن نساعد المدمنين على تجاوز هذه الأخطاء.
وذكر فضيلته أن الشباب يعيشون مرحلة من التوهج العاطفي والهيجان الغريزي، الذي إن لم يحسن الشاب التحكم به فإنه سيقع في براثن الانحلال الأخلاقي. وأشار إلى تحديات بناء المستقبل للشباب ومنها صعوبة الزواج وتوفير المسكن حيث أن 70% من أبناء الوطن لا يملكون مسكنا خاصا بهم وأن المملكة تحتاج إلى 5 سنوات لبناء 1000 وحدة سكنية في اليوم للخروج من مشكلة المساكن، وهو الأمر الذي يبدو صعبا.
عالم اليوم هو عالم الكفاءة والخبرة والمهارة، فمن يريد بناء مستقبل زاهر فعليه أن يكون نفسه علميا وعمليا، وبين أن أسباب تقدم الشعوب المتقدمة هو اهتمامها بالعلم لتخريج مخترعين وباحثين بينما في جامعاتنا يتم تخريج موظفين فقط. كما نوه إلى أن تزايد حالات الغياب في المناسبات الدينية هو حالة غير صحية ويجب ضبطها. ونصح المعلمين والمعلمات أن يتقوا الله في الأمانة الموكلة إليهم بالتركيز على جانبي التعليم والتوجيه السلوكي.
وأشاد سماحته بمشروع جائزة القطيف للإنجاز ودورها في تشجيع الكفاءات.
وختم هذا المحور بذكر بعض الأسماء اللامعة في مجالات الطب والاختراع أمثال الدكتور حسام الحبيب وعادل العوامي.
هنا شدد الشيخ على ضرورة إشراك الشباب وإفساح المجال أمامهم في العمل الاجتماعي وإعطائهم دور القيادة لحل مشاكل المجتمع، وأشار إلى أهمية أن تستقطب الجمعيات الخيرية والمشاريع الثقافية والدينية الطاقات الشبابية وتفعيلها. وأن تشجيع الشباب يعتمد على جانبين، الرسمي والأهلي. فمن ناحية المستوى الرسمي دعى إلى إزالة العوائق الرسمية، ودعم المشاريع الشبابية والأندية الرياضي، اما على المستوى الأهلي فقد دعى إلى دعم المشاريع ماديا ومعنويا لضمان استمراريتها. وتطرق إلى أن النبي محمد والأئمة كانوا أكثر اهتماما بالشباب وذكر أمثلة عدة منها تنصيب النبي لأسامة بن زيد لقيادة جيش المسلمين وهو شاب رغم وجود العديد من كبار الصحابة.
أما في قضية معركة كربلاء ودور الشباب فيها، فقد ذكر أن أكثر من شارك الإمام الحسين عليه السلام في هذه الثورة العظيمة هم من الشباب وفي طليعتهم إبنه فخر الشباب علي الأكبر، الذي مؤمنا بالقضية ورافعا للواء الحق غير مبال للموت ويتجلى ذلك حين سأل أباه (أولسنا على الحق؟ قال له الحسين : بلى والذي نفوس العباد بيده.. قال: إذاً لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا).
السلام على الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى أصحاب الحسين جميعا ورحمة الله وبركاته.