السياسة النبوية ودولة اللاعنف

مكتب الشيخ حسن الصفار

وسط حضور مميز ألقى سماحة الشيخ حسن الصفار يوم الجمعة الموافق 24 ربيع الأول 1425هـ (14 مايو 2004م) كلمةً عقب صلاة الظهر، تحدث فيها عن سياسة الرسول الأعظم في بناء دولة اللاعنف مدعّماً حديثه الشيّق بنماذج تاريخية من سيرة المصطفى .

وفيما يلي عرضٌ سريع لأبرز نقاط الكلمة:

إذا تسربت لغة العنف إلى المجتمع، فإن المجتمع لا يُمكن أن يتقدم ويستقر، لأن من أساسيات التقدم والاستقرار الشعور بالأمن، والثقة المتبادلة بين الناس.

وقد أنشأ رسول الله المجتمع الإسلامي في مجتمعٍ سادت لغة العنف فيه، وأراد رسول الله لذلك المجتمع أن يكون مجتمعاً سلمياً.

فما هو المنهج الذي سلكه رسول الله لتحقيق هذا الهدف العظيم؟

يُمكننا أن نلحظ عدة أمورٍ في سيرة رسول الله :

أولاً- ضخ ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع الإسلامي.

وذلك عبر الآيات القرآنية، وعبر خطب الرسول ، وكلماته في العديد من الموارد والمواقف المختلفة، بعكس الثقافة السائدة أيام الجاهلية حيث كانت تشجع على استباحة الدماء وأخذ الثأر من أجل مصالح شخصية أو مادية. وجاء الإسلام بثقافة مناقضة تؤكد على حرمة الإنسان وأهميته، كقوله - في حجة الوداع وفي يوم النحر – «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا. وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا لا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا هل بلغت، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه». ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج: 4، ص: 367، طبعة 1412هـ، دار المعرفة – بيروت.

ثانياً- سياسة رسول الله وسلوكه.

حيث كانت سياسته تؤسس للسلم الاجتماعي، وترفض عنف الدولة. ذلك لأن من أهم أسباب وجود العنف في المجتمعات عنف السلطة السياسية، وذلك يخلق ردة فعلٍ مضادة، فيدخل المجتمع في دوامة العنف والعنف المضاد.

ولذلك نجد المجتمعات التي تعيش السلم الداخلي، تكون السلطة السياسية فيها ملتزمةً بالسلم ولا تمارس عنف الدولة تجاه الناس.

وفي تاريخنا الإسلامي الماضي والمعاصر شواهد على ذلك، فعندما حكم المسلمين سلطاتٌ تُمارس العنف دخلت الأمة في دوامة العنف، وأبرز تلك الحقب العهد الأموي والعباسي.

وفي التاريخ المعاصر للبلاد العربية حينما حكمتها الأنظمة الحزبية ضمن شعاراتها المختلفة: جمهورية، بعثية، اشتراكية، قومية، وطنية؛ شرعت العنف في البلاد العربية، وأصبحت هذه الحكومات أسوأ مما سبقها.

وقد نبه رسول الله المسلمين بسيرته وكلماته حتى لا يقعوا في فخ العنف، ومن ذلك قوله : «ألا لا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض».

وفوق هذه الكلمات التي تُحذر المسلمين من العنف والوقوع فيه، مارس رسول الله سياسةً أسس من خلالها دولة اللاعنف، مع كل الاستفزازات والعوائق التي مورست ضده ومن داخل المجتمع الإسلامي، نجد أن رسول الله لم يُمارس العنف مع أي جهةٍ أو شخصيةٍ مِن مَن تلفّظ بالشهادتين وإن لم يكن صادقاً في شهادته.

وأشبع سماحة الشيخ حديثه بجملةٍ من الأحداث التاريخية التي تبين السياسة العظيمة التي كان يُمارسها رسول الله في بناء المجتمع الإسلامي، فكان المجتمع المثالي في تطبيق السلم الاجتماعي، وحماية حقوق الإنسان.
 

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ وآله الطاهرين.

 

 


وبإمكانك الاستماع إلى الكلمة عبر الوصلة التالية:

media/ent_friday/1425/14250324.asf