الشيخ الصفار والدكتور المحرج يواصلان مساعي التقريب والوحدة

مكتب الشيخ حسن الصفار

لا يجوز الاستسلام أمام أمواج الفتن الطائفية مهما تصاعدت، ولا يصح اليأس وفقدان الأمل في مسيرة التقريب والوحدة مهما تعثرت، فهناك من يعمل بإصرار وعناد على إشعال فتن الخلافات والصراعات المذهبية، لتمزيق الأمة، وزعزعة الأمن والاستقرار في أوطان المسلمين.

فلا بد من تصدي الغيورين على مصالح أمتهم وأوطانهم لمواجهة تلك المحاولات المشبوهة، ومن أجل إصلاح ذات بين المسلمين، دون يأس أو كلل.

بهذه الروح الرسالية والعزيمة الثابتة يواصل سماحة الشيخ حسن الصفار جهوده الإصلاحية الوحدوية، رغم كل العوائق والضغوط الداخلية والخارجية.

ومما يعزز الأمل، ويبشّر بالخير، وجود من يتجاوب ويتفاعل مع هذه الجهود، من علماء أهل السنة والدعاة السلفيين انطلاقاً من نفس المبدأ والهدف، ومنهم فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز المحرج، والذي زار الأحساء والقطيف أكثر من مرة، والتقى مع عدد من علماء الشيعة ومثقفيهم، وتحدث في ندوات أقيمت لهذا الغرض، وحضر المجلس الحسيني ليلة عاشوراء 1430هـ في القطيف، وألقى كلمة ارتجالية في الموكب الحسيني بسيهات.

ثم استضاف سماحة الشيخ الصفار في الرياض ليلة الجمعة 14 ربيع الآخر 1430هـ الموافق 10/4/2009م بحضور بعض طلبة العلم والمثقفين من السلفيين.

وحين طرح عليه بعض العلماء والدعاة السلفيين تساؤلات حول حقيقة موقف الشيعة من قضايا عقدية حسّاسة، توجه بالسؤال عنها لسماحة الشيخ الصفار، طالباً إجابة مكتوبة واضحة، تسند دعوته إلى التقارب والتواصل مع الشيعة، ورغم أن الشيخ الصفار سبق وأن أجاب على مثل هذه التساؤلات في لقاءات تليفزيونية وصحفية، كما أن علماء الشيعة قد كتبوا حولها أبحاثاً وكتباً مفصّلة، إلا أنه أجاب على رسالة الدكتور المحرج، ليؤكد ما سبق أن أعلنه من آراء ومواقف.

وفيما يلي نص رسالة الدكتور المحرج، وإجابة الشيخ الصفار ننشرها تلبية لرغبة الدكتور المحرج جزاه الله خير الجزاء، ووفقه للصلاح والإصلاح.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم الشيخ حسن بن موسى الصفار وفقه الله لكل خير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:ـ

امتداداً لرغبتنا في مد جسور التواصل بين أبناء المذهبين السني والشيعي بما يحقق وحدة كلمة المسلمين وتلاحم وطننا الغالي أفيدكم بأنني قد تحدثت مع بعض طلبة العلم من المذهب السني وأثاروا نقاطاً أود منكم توضيح موقفكم وموقف جمهور علماء المذهب الشيعي المعاصرين منها ليتسنى لي إيضاحها لهم من مصدرها ومنها ما يلي:

1. قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

2. سب الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.

3. تكفير الصحابة رضوان الله عليهم.

4. موقفكم اتجاه الكتب التي ورد فيها قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أو سب الشيخين أو تكفير الصحابة رضوان الله عليهم.

5. موقفكم من الأشخاص الذين يقولون بقذف عائشة رضي الله عنها أو سب الشيخين أو تكفير الصحابة رضوان الله عليهم..

أسال الله سبحانه وتعالى أن يستخدمنا في ما يرضيه عنا وأن يجعلنا سبباً في وحدة كلمة المسلمين على الحق وفي سد الثغرات في وجه كل من يحاول تفريقنا أو سوءاً ببلادنا الغالية حماها الله من الشرور وجميع بلاد المسلمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أخوكم عبدالرحمن بن عبدالعزيز المحرج
14/1/1430هـ               

وقد استلم الشيخ الصفار الرسالة من الدكتور المحرج ليلة استضافته من قبل الدكتور السيد عدنان الشخص بتاريخ 4 ربيع الآخر1430هـ وفيما يلي نص إجابته:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الكريم الدكتور الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز المحرج                    حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكر الله لك السعي في ما تبذل من جهود طيبة لراب الصدع بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد، وجزاك الله خيراً لمبادرتك للتواصل وبناء جسور التعارف والمحبة بين مواطني هذا البلد العزيز.

وما أحوج الأمة والوطن لمثل هذه الجهود والمبادرات الكريمة في وقت يسعى فيه الأعداء لإشعال الفتن وتمزيق صفوف المسلمين، وتهديد الأمن والاستقرار في بلدانهم.

    أخي الكريم:

طلبت في رسالتك إيضاح رأيي ورأي جمهور علماء الشيعة المعاصرين حول بعض المسائل التي يرى علماء أهل السنة والجماعة أنها مفصلية وأساسية في موضوع العلاقة بين الطرفين. وأجيب على ما طرحت من تساؤلات على نحو الاختصار والإيجاز، علماً بأن عدداً من علماء الشيعة قد تناولها بالبحث والتحقيق في كثير من مؤلفاتهم المطبوعة.

كما سبق لي أن أجبت على معظمها في حوارات ومقابلات منشورة في الصحافة السعودية.

1. نعوذ بالله من القول بتكفير الصحابة، بل إن رأي جمهور علماء الشيعة هو الحكم بإسلام كل من نطق بالشهادتين وصلى إلى قبلة المسلمين، فهم لا يكفرون أحداً من أهل القبلة، فضلاً عن صحابة رسول الله، الذين شرّفهم الله تعالى بصحبة خير خلقه، وكرّمهم بنصر دينه ورسالته.

نعم، لا يقول الشيعة بعدالة كل الصحابة كما يقول جمهور أهل السنة والجماعة، ولهم في ذلك أدلتهم، لكنهم لا يذهبون إلى تكفيرهم والعياذ بالله.

2. أما سؤالك عن سب الصحابة وخاصة الشيخين رضي الله عنهما، فإن الشتم والسباب ليس من خلق المسلم ولا من خلق العاقل، وأنا أرفض وأدين سب الخلفاء الراشدين والصحابة، وأرى أنه ينطبق عليه أكثر من عنوان للتحريم والمنع، وقد سبق وأعلنت ذلك في مواقف متكررة.

وأجزم أن هذا هو موقف مراجع الشيعة.

3. أما موقف علماء الشيعة من قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فإنهم يرون أن نساء نبينا محمد ، بل نساء جميع الأنبياء السابقين منزهات عن الفاحشة ما ظهر منها وما بطن، ولا يجوز ولا يليق الطعن بعرض رسول الله أو عرض أحد من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.

ونبرأ إلى الله تعالى من ذلك البهتان العظيم.

4. صرّح كبار علماء الشيعة بالقول بصيانة القرآن عن أي زيادة أو نقصان، وأن الله تعالى قد تعهد بحفظه عن أي تحريف، وهو المصحف المتداول بين أيدي المسلمين في الماضي والحاضر. يتلوه الشيعة والسنة ويعتمدونه مصدراً أساساً لدينهم إلى جانب السنة النبوية، ويقرأون منه في صلواتهم، ويتسابقون في حفظه وتلاوته، ويدرسون تفسيره.

5. إن القول بصيانة القرآن وعدم تحريفه، وبراءة أم المؤمنين عائشة من الإفك، وعدم تكفير الصحابة وسبّ الشيخين، هو القول المعتمد عند جمهور علماء الشيعة، وخلاف ذلك قول شاذّ، ولا تخلو أي طائفة أو جماعة من آراء شاذّة، ولا يصح مؤاخذة الطائفة بالآراء الفردية والشاذّة. ومن يذهب إلى شيء من تلك الآراء الشاذّة فإننا نخطئه ولا نقبل ذلك منه أبداً.

أما الكتب التي يرد فيها مثل تلك الآراء، فإن علماء الشيعة لم يعتمدوا أي كتاب من كتبهم بشكل مطلق، وحتى الكتب الأربعة (الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه) ليست كلها أحاديث صحيحة السند وقطعية الصدور عند الشيعة، بل هي مجرد مجاميع حديثية، مثل مسند الإمام أحمد وكنز العمال عند السنة. فما صح سنده من تلك الكتب نقبله، وما لم يصح نردّه.

فما ورد في كتب الشيعة من تلك الآراء الشاذّة التي يظهر منها القول بتحريف القرآن، أو تكفير الصحابة، أو سبهم، أو قذف السيدة عائشة، فهو قول مردود لا نقبله.

هذا ما أمكن تحريره على وجه السرعة لفضيلتكم في الإجابة على الأسئلة التي طرحتموها، والإجابة المفصّلة موكولة إلى الكتب الكثيرة المطبوعة التي ألفها المحققون من علماء الشيعة. وهي بحمد الله متوفرة.

وتقبلوا مني خالص الشكر والتقدير لدوركم الإصلاحي ومسعاكم الوحدوي جعله الله في ميزان أعمالكم وحسناتكم.

والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته،،،

حسن بن موسى الصفار    
5 ربيع الآخر 1430هـ