(القطيف طاهرة)

 

مرَّت منطقتنا خلال العقدين الأخيرين بتحولات وتغيرات كبيرة في مختلف النواحي الدينية والاجتماعية والثقافية، وكذلك تغير للعادات والتقاليد.

كانت مجمل هذه التغيرات وأشدها تأثيراً هو الجانب السلبي من هذه التحولات.

قتل، نهب، محرمات، كلمات نندهش لسماعها في الآونة الأخيرة وبكل الأوقات.

فإما سارق يسلب أمان بلدتنا, فيروِّع البيوت والمحال التجارية، فلا يمرُّ يومٌ إلا وهناك اقتحام بالسلاح وبالتهديد العلني.

وإما محرمات باتت لهم تجارة رابحة ووسيلة إفساد للمجتمع يسعون من خلالها لابتزاز الأطفال والنساء، بات همُّهم إيصال كل قرص محرم في الأسواق المتنقلة إلى أي امرأة.

وإما سلاح أصبح مصدر رعب وقلق يتلاعبون به فيقتلون أحبابنا وفي نهاية المطاف «لا نقصد»، فأي انتهاك صارخ لهذا البلد العزيز.

أصبح الكل مستهدفا, والكل مكلفا بالحذر من أي فرد يقود دراجة نارية أو جهة يُحمل فيها السلاح، أو سوق متنقل ينتشر فيه باعة الأقراص.

مبادرة جميلة

كل ما سبق منقول نصا من المواقع الالكترونية في المنطقة وهو من كتابة الشباب المبادرين لقيادة حملة (القطيف طاهرة)، والذين عرفوا أنفسهم بأنهم (جماعة شبابية من أبناء القطيف تحمل همَّ الإصلاح الاجتماعي والنهوض بالمسئولية الدينية والاجتماعية والوطنية باتجاه التطور والرقي).

ومع أن كل ما كتبوه يعكس زاوية صغيرة من صورة القطيف المشعة بطيبة أهلها وترابطهم وتعاونهم، إلا أن مبادرتهم جميلة ومهمة، وقد سبقهم لمثلها آخرون في مختلف مناطق المملكة، ممن كانوا يشعرون بضرورة المبادرات الأهلية، ويثمنون قيمتها وأهميتها في تعزيز صفاء المجتمع وطهارته.

فقبل أربعة أيام كتبت جريدة الحياة 11/2/2009 (على خطين متوازيين، يقيم 80 شاباً، و70 فتاة، أنشطة تطوعية لخدمة مدينة الدمام. واختار الشبان اسماً لفريقهم هو «أولاد الدمام»، في الوقت الذي اختار فريق الفتيات مسمى «بنات الدمام التطوعي». وهذه المجموعة ليست بجديدة، إذ بدأت نشاطها قبل نحو سبعة أشهر)، ومع أن طبيعة المهام والنشاط الممارس في هذه المجموعة مختلف عن نشاط مجموعة (القطيف طاهرة)، إلا أن المشترك بين المجموعتين هو إحساسهم بضرورة المشاركة الشعبية في الهم العام، والتعاطي معه عبر المبادرات والجهود الميدانية التي تصب في سياق التكامل مع الجهود الرسمية.

للأنشطة الشعبية طعم مختلف عن الأنشطة الرسمية وإن كان النشاطان يصبان في هدف واحد، فالنشاط الشعبي يحفز في المجتمع حس المسؤولية والتعاون، ويستثير الكثير من الطاقات والكفاءات الكامنة التي قد تراها بارزة في الصغير قبل الكبير، بينما تبقى الأنشطة الرسمية مع أهميتها وضرورتها والحاجة إليها تشعر الناس بأن هناك موظفين يقومون بها، لهم رواتبهم ولديهم إمكاناتهم، وهم المسئولون عنها أولا وأخيرا.

وهناك سمة أخرى في النشاط الأهلي وهي كونه نشاطا لا يعرف التعب والملل، ولا يداخله الكسل والتقاعس عادة، بينما ترافق هذه الأمور مختلف الأنشطة الوظيفية، التي يقوم بها منفذوها باعتبارها وظيفة كغيرها من الوظائف التي تكتب الصحف الكثير عن التساهل والإهمال فيها.

وهناك ملمح آخر للنشاط الأهلي وهو سعته الكبيرة بسعة تواجد أهله، وامتداد مساحته الجغرافية، ليغطي نقاطا كثيرة ومتعددة قد تصعب تغطيتها في النشاط الرسمي لما يتطلبه ذلك من كلفة عالية.

علاوة على ذلك فالنشاطات الأهلية تحمى وتصان من قبل المجتمع نفسه، ومع أن المفروض في المجتمع حماية كل شيء يصب في مصلحته، لكن وللأسف ربما يندفع أهل حي من الأحياء لحماية ملعبهم لكرة القدم مثلا الذي قاموا بترتيبه بشكل بسيط، لكنهم يتجاهلون التخريب والعبث الذي يقع على ناد آخر أنشأته الجهات الرسمية، وهذا ما نلاحظه في التعامل مع مختلف الأشياء والممتلكات العامة.

من المهم أن ندرك أن كل شاب يشارك في خدمة مجتمعه فهو مكسب لدولته ولأهله، فنحن أمنا عليه من انفلات طاقته وراء الخطأ والخراب، وكذلك امتلكنا شابا وطاقة تساعدنا في تعمير ما يخربه الأشرار والمنحرفون في وطننا، انني إذ أشد على الأيدي البيضاء التي تحب العطاء والتضحية بما تملك من وقت ومال وجهد، أتأمل أن يبقى كل وطننا طاهرا ليكشف بأعماله الطيبة، وممارساته السليمة، صورة المجتمع المسلم والبلد الملتزم بأخلاقيات وقيم الدين.

السبت 19/2/1430هـ الموافق 14/2/2009م - العدد 13028