في احتفال للصمّ والبكم

الشيخ الصفار: السيدة زينب نموذج الوعي والمبادرة وتحمل المسؤولية

مكتب الشيخ حسن الصفار

 

في أجواءٍ عامرةٍ بالولاء، احتفت مجموعة من الصم والبكم بذكرى ميلاد السيدة زينب بنت أمير المؤمنين ، في مجلس الحاج سعيد المقابي وذلك مساء الثلاثاء 6 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 28 أكتوبر 2025م.لقاء الصم البكم

حيث قدّم سماحة الشيخ حسن الصفّار كلمة مؤثرة، تناول فيها السيرة العطرة للعقيلة زينب بوصفها أنموذجًا فريدًا في الوعي والصبر والمبادرة وتحمل المسؤولية، بمرافقة المترجم إلى لغة الإشارة السيد نجيب.

استهلّ الشيخ الصفّار حديثه بالإشارة إلى أنّ السيدة زينب وُلدت في السنة الخامسة للهجرة، في بيتٍ فريدٍ اجتمع فيه النور الإلهي والعظمة الإنسانية، فهي ابنة علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء ، وأخت الإمامين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة.

وتابع: لقد حظيت السيدة زينب منذ طفولتها برعايةٍ خاصة من جدّها رسول الله ، الذي كان يقول عنها حسبما وري إنها «شبيهة بخديجة»، في إشارةٍ إلى ما ورثته من سموّ ووقار جدّتها خديجة الكبرى .

وبيّن سماحته أنّها كانت منذ صغرها مثالًا في الذكاء والنباهة، فحفظت أحاديث أمها الزهراء وهي في الخامسة من عمرها، وروت خطبتها الشهيرة التي لولاها لضاعت من الأمة.

وتابع: كما كانت السيدة زينب تدير مجلسًا نسويًا في بيتها لتعليم النساء أحكام الدين وتفسير القرآن، وقد قال عنها الإمام زين العابدين : «وَأَنْتِ بِحَمْدِ اَللَّهِ عَالِمَةٌ غَيْرُ مُعَلَّمَةٍ، فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ».

وأضاف أنّها لم تترك صلاة الليل حتى في أشدّ ليالي كربلاء مأساة، وكانت تصلي الليل وهي جائعة ومتعبة، إذ كانت تقدّم طعامها للأطفال، أثناء فترة الأسر في الكوفة والشام، لتجسّد قمّة الإيمان والعبودية في أحلك الظروف.لقاء الصم البكم

وأوضح الشيخ الصفّار أنّ السيدة زينب ضربت أروع الأمثلة في الثبات عند مواجهة المحن، فحين وقفت أمام جسد الإمام الحسين المقطّع، رفعت يديها قائلةً: «اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنّا هذَا الْقُرْبانَ».

وفي مجلس ابن زياد، لم تُظهر ذلًّا ولا انكسارًا، بل واجهته بجرأة وثقة حين سألها: كيف رأيت صُنع الله بأخيك؟؛ فأجابته بكلّ ثباتٍ: «مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا»؛ لتثبت أنّ الإيمان العميق يحوّل الألم إلى جمال، والمحنة إلى عطاء.

وفي محورٍ آخر من كلمته، ركّز سماحته على خُلق المبادرة وتحمل المسؤولية الذي جسّدته السيدة زينب، موضحًا أنّها لم تُطلب للمشاركة في نهضة كربلاء، لكنها أصرّت على الخروج مع الإمام الحسين رغم مسؤولياتها الزوجية والأمومية.
وأشار إلى مواقفها البطولية في حماية الإمام زين العابدين بعد مقتل الإمام الحسين، إذ تصدّت لابن سعد وقالت: «لا يُقتَلُ حَتّى‌ أُقْتَلَ دُونَهُ»، وكذلك في مجلس ابن زياد عندما دافعت عن حياة الإمام.

وبيّن أن بعد عودتها إلى المدينة لم تكتفِ بالحزن، بل واصلت نشر الوعي، فكانت صوت الثورة الحسينية في الأمة.

واختتم الشيخ الصفّار حديثه مؤكّدًا أن الاحتفاء بالسيدة زينب لا ينبغي أن يكون بالمشاعر فقط، بل بالاقتداء بمسيرتها العملية واستلهام روح المبادرة من شخصيتها العظيمة.

وقال: على كلّ إنسان أن يربّي نفسه على المبادرة لا الكسل، في البيت والعمل والمجتمع. كن أنت من يبدأ بفعل الخير، ولا تنتظر أن يطلبه منك أحد.

وختم كلمته بقولٍ لأمير المؤمنين علي : «افْعَلُوا الْخَيْرَ وَلَا تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي فَيَكُونَ».

ليختم اللقاء بالدعاء والتبريكات للمشاركين، مؤكدًا أنّ ذكرى السيدة زينب تبقى منارةً تُضيء دروب الصبر والوعي والمبادرة للأجيال كافة.

لقاء الصم البكم

لقاء الصم البكم