العلاقات الزوجية
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين وصحبه الطيبين.
الجانب العاطفي الغريزي يُعد حجراً أساساً، وركناً رئيساً، في العلاقات الزوجية، لأنه حاجة ملحة في نفس كل من الزوجين، والارتباط الزوجي، هو الفضاء الوحيد المفتوح لإشباع هذه الحاجة، و تفعيل هذا الجانب يؤكد الانشداد الخاص بين الزوجين ويعمقه.
من هنا لاحظ الباحثون أن الفتور العاطفي، والبرود الجنسي، لأي سبب كان، جسمياً أو نفسياً، هو من أهم عوامل الفشل في الحياة الزوجية.
والإسلام الذي يبدي حرصاً و اهتماماً بإنجاح مشروع البناء الأسري، كما روي عن النبي


هذا الإسلام لا بد وأن يولي الجانب العاطفي، والعلاقة الجنسية بين الزوجين، الاهتمام المناسب، وذلك ما نلحظه من كثرة النصوص والتعاليم الدينية المتعلقة بهذا الشأن. وبمراجعة فاحصة لكتب الحديث والروايات، ولكتب الفقه، نجد مادةً واسعة ثرية، حول الثقافة الجنسية.
إلا أن الملاحظ أن الثقافة الإسلامية المعاصرة عادةً ما تتجنب معالجة هذا الموضوع وطرحه، لما يسود الأجواء الاجتماعية من تحفّظ واستعابة لمناقشة قضايا الجنس، حيث يُعد ذلك منافياً للوقار والاحتشام. بالطبع لو كان ذلك صحيحاً لما تحدث رسول الله




ولعله للرد على أمثال هذه الهواجس نجد بعض الأحاديث المروية عن رسول الله

في المقابل نرى ابتذالاً فاضحاً في الحضارة المادية الغربية، للترويج للإثارة الجنسية، وتكثيف التحريض الهابط للشهوات والغرائز، والذي أصبح سمة غالبة على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وبين حالة الكبت والتعتيم في مجتمعاتنا، وحالة الابتذال الفاحش السائد عالمياً، يصبح أبناؤنا فريسة سهلة لتيارات الإغراء والإغواء، أو عرضة للفشل في حياتهم العاطفية الجنسية.
والمنهج السليم هو توفير ثقافة تربوية إرشادية لهذا الجانب المهم من حياة الإنسان، من وحي تعاليم الدين، وبالاستفادة من البحوث العلمية، والتجارب النافعة، بما يلبي تطلع الشباب إلى المعرفة، ويوجه سلوكهم نحو الأخلاق والقيم، ويقيهم من الانحرافات والمشاكل، ويعينهم على النجاح في بناء حياتهم الزوجية السعيدة.
تشجيع الرغبة الجنسية
ضمن الإطار الزوجي:
لاحظ بعض العلماء أن الشريعة الإسلامية تحث على الزهد في مختلف متع الحياة ولذاتها، وأن يعوّد الإنسان نفسه على الاكتفاء بالحد الأدنى منها، كالطعام والشراب والنوم واللباس والمال وما أشبه، فإنه حتى في إطار المباح والحلال من هذه الأشياء، ينبغي الإقلال والاقتصار، على ما يلبي حاجة تقوّم الجسم، واستمرار الحياة، لتوجيه اهتمامات الإنسان وإمكاناته نحو الباقيات الصالحات، بخدمة القيم السامية، ونفع عباد الله.
وهو أمر ظاهر في كثير من النصوص الدينية، ومن سيرة الأنبياء والأئمة الهداة

لكننا لا نجد مثل هذا التوجيه فيما يتعلق بالرغبة الجنسية ضمن إطارها الزوجي المشروع، بل على العكس من ذلك وردت أحاديث وروايات مفادها التشجيع على هذه الرغبة، كما أن سيرة الرسول


ولعل مبعث ذلك معرفة الشارع بخطورة كبت وقمع هذه الغريزة العارمة في نفس الإنسان، أو انطلاقها خارج الحدود، وأن من صالح الإنسان ومصلحته تشجيع هذه الرغبة العميقة ضمن إطارها الصحيح، مما يجنبه عقد الكبت والحرمان، ويغنيه عن التفكير في طريق الحرام.
كما أن تفعيل هذه الرغبة في الإطار الزوجي، يسهم في قوة العلاقة الزوجية، وتأكيد الارتباط والانشداد، مما يحفظ قوة المجتمع، ويصون أمنه الأخلاقي والاجتماعي.
ضمن هذا السياق يمكننا قراءة النصوص التالية:
«1. عن الإمام جعفر الصادق




«2. في صحيح مسلم عن أبي ذر أن أناساً من أصحاب النبي


«3. سئل الإمام محمد الباقر

«4. عن الإمام جعفر الصادق

إظهار الأناقة والجمال:
من أجل أن تتركز مشاعر الرغبة الغريزية، والميول الجنسية، ضمن الإطار الزوجي، فتتحقق العفة، ويتوثق الارتباط والانشداد، يوجه الإسلام كلاً من الطرفين للاهتمام بأناقته وجماله أمام الطرف الآخر، ليملأ عينه، وليستقطب أحاسيسه، فلا ينجذب لما وراء ذلك.
إن بعض الزوجات قد تغفل جانب الاهتمام بإظهار زينتها ومفاتنها أمام زوجها، انشغالاً منها بخدمة البيت وتربية الأولاد، أو لشعورها بعمق الحب بينهما بحيث لا داعي للأناقة والزينة، وغالباً ما تخصص ثياب الزينة وأساليب الأناقة، عند ذهابها لحفلة أو زيارة ، لكن هذا التفكير خاطئ، فالزوج تصادفه مختلف الأشكال والمناظر، وخاصة عبر وسائل الإعلام، التي تستغل أنوثة المرأة وتتاجر بها، فينبغي للزوجة أن تعمل للاستيلاء على مشاعر زوجها، وأن تملأ عينيه، وكذلك الأمر بالنسبة للزوج،عليه أن يهتم بأناقته وجماله، ومنظره ونظافته أمام زوجه، فهي إنسان تمتلك مشاعر وأحاسيس، وتصادفها مختلف الأشكال والمناظر، فيجب أن ترى في زوجها ما يملأ عينها ويجتذب أحاسيسها.
وقد وردت نصوص دينية تذكر الزوجين بهذا الجانب، من بينها النماذج التالية:
«1. عن رسول الله


«2. عن رسول الله

«3. عن الإمام جعفر الصادق


«4. عن الحسن بن جهم قال: رأيت أبا الحسن

«5. عن الإمام جعفر الصادق

الإثارة والإشباع العاطفي:
أجواء العلاقات الزوجية يجب أن تكون مفعمة بالحب، وأن تلامس أعماق مشاعر الطرفين، حتى لا تصبح الممارسة الجنسية مجرد أداء جسمي لا يواكبه تفاعل نفسي عاطفي، وإذا كان أحد الطرفين يعيش حالة اندفاع ورغبة، فعليه أن يعطي الفرصة للطرف الآخر ليشاركه اندفاعه ورغبته.
ولأن الرجل غالباً ما يكون أكثر جاهزية، وأسرع تحقيقاً لرغبته، جاءت التوجيهات الدينية بأخذ وضع الزوجة العاطفي بعين الاعتبار، ومساعدتها عبر أساليب الإثارة لتكون أكثر استعداداً وتفاعلاً، وتمكينها من تحقيق كامل رغبتها واستمتاعها.
فهناك نصوص عديدة تتحدث عن أساليب الإثارة والعلاقة العاطفية التي ينبغي أن تكون بين الزوجين:
«1. أورد مسلم في صحيحه قول رسول الله

«2. وأورد أبو حامد الغزالي عنه

«3. وعنه

«4. وعن الإمام جعفر الصادق

«5. وعن الإمام علي

«6. قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ويستحب أن يلاعب امرأته قبل الجماع، لتنهض شهوتها، فتنال من لذة الجماع مثل ما ناله. وقد روي عن عمر بن عبد العزيز، عن النبي


أحكام وآداب:
لكي لا ينسى الإنسان تميزه الإنساني، وارتباطه بربه وخالقه، وإيمانه بالقيم السامية، حتى في غمرة استمتاعه الجنسي، وفي أوج ممارسته الغريزية، لذلك تضع له الشريعة الإسلامية أحكاماً وآداباً في مجال العلاقات الزوجية الخاصة. نشير إلى بعضها:
يستحب عند الممارسة الجنسية ذكر الله تعالى والاستعاذة من الشيطان، جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس قال: قال النبي

ومثله في وسائل الشيعة عن الإمام علي

وينبغي أن لا تكون الممارسة الجنسية بمرأى أو مسمع من أحد حتى الطفل الصغير، ولو كان غير مدرك وغير مميز.
جاء عن الإمام جعفر الصادق

«وورد عن الإمام علي


ويجب على الزوجين تعلم غسل الجنابة، لتوقف أداء الصلاة عليه. ويكره النوم والأكل والشرب قبل الغسل إلا أن يتوضأ.