الصفار: التعدد حل لمشكلة مليوني عانس في السعودية

ضمن سلسلة دورس أسبوعية في فقه الأسرة للشيخ حسن الصفار كانت له محاضرة بعنوان "تعدد الزوجات"، أوضح فيها إجازة الإسلام لتعدد الزوجات ضمن الحدود والضوابط المقررة، ولا يستطيع مسلم أن يعترض على تشريعات الإسلام، وما دامت المسألة في إطار الجواز والإباحة، فالأمر متروك لوضع كل إنسان وظروفه، وللأعراف والاعتبارات السائدة في المجتمع.

وأوضح أن ظروف الحياة اليوم أصبحت أكثر تعقيداً من السابق، فأخذ زوجة أخرى، يعني إدارة عائلة وأسرة أخرى، تستلزم نفقات مادية، وجهوداً في الرعاية والتربية، فمن كان قادراً على ذلك، ومطمئناً من تطبيق العدالة المطلوبة شرعاً، فليس من الصحيح تعويق رغبته وإرادته في تعدد الزوجات. فإن هناك أشخاصاً في المجتمع تستدعي ظروفهم الشخصية والعائلية اتخاذ زوجة أخرى، لكن تحسس الزوجة الأولى بشكل مبالغ فيه، قد يجعل هذا الرجل أمام أحد خيارين كلاهما صعب: إما أن يكبت رغبته، ويتجاهل حاجته، وقد يلجأ إلى طريق الحرام. أو يغامر بخراب وهدم بيته العائلي.

من ناحية أخرى فإن عدد النساء العوانس في تصاعد وتزايد، وتعدد الزوجات هو الذي يفسح أمامهن أمل الحياة الطبيعية، ويتيح لهن فرصة السعادة الزوجية، وممارسة دور الأمومة.

وأشار الصفار إلى إحصائية وزارة التخطيط في المملكة العربية السعودية: أن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن، وتجاوزن سن الزواج اجتماعياً (30 عاماً) بلغ حتى نهاية 1999م حوالي مليون و925 ألفاً و814 فتاة. وأوضحت الإحصائية: أن عدد المتزوجات في السعودية بلغ مليونين و836 ألفاً و475 امرأة. وذكرت إحصائية سابقة أن عدد العوانس في الكويت بلغ 40 ألف عانس.

فيجب أن نعترف بأن جزءً من المشكلة يكمن في النماذج والتجارب السيئة التي قد تحصل من قبل من يتزوجون زوجة أخرى ثم لا يمارسون العدالة، بل يهملون الزوجة الأولى، ويجحفون بحقوقها، وتتضاءل حتى رعايتهم واهتمامهم بأبنائهم منها.

وإذا كان مفهوماً وجود مبررات للميل العاطفي نحو الزوجة الجديدة، عبرت عنه الآية الكريمة ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ حيث تعني استحالة العدالة في الميل النفسي والعاطفي، ولكنه ليس منطقياً أن لا يعدل الإنسان في الجانب الممكن، وهو العدالة في النفقة والرعاية وأداء الحقوق الشرعية. لقول تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾.

مبررات تعدد الزوجات:

وذكر الصفار المبررات الحقيقية لتعدد الزوجات في المجتمعات الإنسانية، مختصرًا لها بالنقاط التالية:

عدد الإناث أكثر من عدد الذكور، وليس ذلك لسبب زيادة مواليد الفتيات على الفتيان دائماً، وإنما أيضاً لتعرض الذكور للأخطار وأسباب الموت أكثر كالحروب وحوادث العمل.
المرأة أسرع بلوغاً وتهيئاً للزواج من الرجل، فالفتيات اللاتي يولدن مع الفتيان في سنة واحدة، يتهيأن للزواج بيلوجياً وسيكيلوجياً قبلهم ببضع سنوات، كما هو معروف. وفي نفس الوقت فإن الاستعداد الجنسي أسرع نضوباً وخفوتاً عند المرأة، حيث تتلاشى قدرتها على الإنجاب، ولياقتها الجسمية قبل الرجل. لذلك أصبح مألوفاً أن يتزوج الرجل من امرأة تصغره بعدة سنوات.
تمر على المرأة فترات تعاني فيها من العوائق الجنسية كأيام العادة الشهرية، وبعض فترات الحمل، بينما لا يعاني الرجل من مثل ذلك.
هناك نساء يفقدن أزواجهن لبعض الأسباب، من وفاة أو طلاق، فلا يتيسر لهن جلب اهتمام الرجال كزوجة أولى، وقد تكون المرأة مصابة بالعقم أو أي مرض آخر، ففي ظل نظام الزوجة الواحدة فقط، تصعب معالجة مثل هذه الحالات.

كل هذه الأسباب تنتج حالات العنوسة والحرمان من الزواج لعدد من النساء، كما قد تدفع الرجال للعلاقات الجنسية غير المشروعة، وهو ما تعاني منه المجتمعات الغربية الآن وبشكل مبتذل فاضح. من أجل ذلك أمضى الإسلام ما كان معمولاً به من تعدد الزوجات، ولكن ضمن حدود وضوابط.

 

الوطن السعودية، الأربعاء 20 ربيع الآخر 1422هـ الموافق 11 يوليو 2001م، العدد 285.