زكاة العلم.. تأملات في العطاء العلمي والثقافي للشيخ جعفر أبي المكارم

مدخل

الزكاة لغة: النمو والزيادة. يقال: زكا الزرع: إذا نما وزاد، وزكت النفقة: إذا بورك فيها. وقد تطلق بمعنى الطهارة، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾[1]  أي طهرها عن الأدناس. ومثله قولـه تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾[2] . جاء في لسان العرب: "وأصل الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء والبركة وفي حديث الباقر أنه قال: زكاة الأرض يُبسها، يريد طهارتها من النجاسة كالبول وأشباهه بأن يجف ويذهب أثره"[3] .

ومن فلسفة الزكاة في التشريع الإسلامي يظهر أن المعنيين قد أخذا فيها بعين الاعتبار، فإيتاء زكاة المال يطهّر نفس الإنسان من الأنانية والبخل والحرص، لشعور الإنسان بأن المال الذي يحصل عليه ملك له وحده، وتحت سيطرته وتصرفه هو فقط، وإعطاؤه للزكاة تشذيب وتعديل لهذه المشاعر والأحاسيس، لذلك يقول تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾[4] .

في ذات الوقت فإن إخراج الزكاة ينمي المال ويزيده، ببركة الله وفضله، وحتى وفق المنظور الاجتماعي والاقتصادي فإن رعاية الفقراء يوفّر الأمن الاجتماعي، حيث يمنع من تشكّل حالات الإجرام والعدوان الناتجة من الفقر والحرمان، كما أن تدوير الثروة في المجتمع، يحرّك الوضع الاقتصادي، ومردوده سيكون على أصحاب رؤوس الأموال أيضاً. من هنا نرى الدول الكبرى في العالم تقدم شيئاً من الدعم والمساعدة للدول الفقيرة المتخلفة، والتي إذا تحرك اقتصادها فستستهلك من إنتاج تلك الدول المتقدمة.

والنصوص الدينية تشير إلى دور الزكاة والصدقة في تنمية المال والثروة كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إذا أردت أن يثري الله مالك فزّكه"[5]  وقول الإمام محمد الباقر (عليه السلام): "الزكاة تزيد في الرزق"[6] .

لكل شيء زكاة

ليس امتلاك الإنسان للثروة فقط هو الذي يشعره بالأنانية والبخل، بل إن كل إمكانية يتوفر عليها الإنسان تسبب له هذا الشعور، وتشيعه في نفسه وسلوكه، لذلك فهو في حاجة لترشيد مشاعره وتصرفاته تجاه كل ما يتحصل عليه من إمكانيات ومكاسب في هذه الحياة، ليتجه لتوظيفها في خدمة المصلحة العامة.

من هنا تشير النصوص الدينية إلى أن لكل شيء زكاة، فكما يجب على الإنسان أن يعطي حصة من ماله - حسب الضوابط الشرعية - لصالح الفقراء والخدمات العامة، فإن عليه أن يوظف شيئاً من قدراته وإمكاناته المختلفة لصالح الشأن العام وخدمة أبناء جنسه ومجتمعه. يقول الإمـام علي (عليه السلام): "لكل شيء زكـاة"[7]  وورد مثله عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)[8] .

والعلم والمعرفة من أكبر الإمكانيات وأهم المكاسب، وإذا ما توفّر إنسان على مستوى وقدر من العلم، فقد يأخذه الغرور والتعالي على من حوله، وتسيطر عليه الأنانية فيحتكر العلم والمعرفة لنفسه، ويبخل بها على الآخرين، إلا في حدود خدمة ذاته ومصالحه. لذا جاءت التعاليم الدينية تؤكد على مسؤولية العالم تجاه الناس، وتوجب عليه بذل علمه للمحتاجين إليه والمنتفعين به.

وبذل العلم هي زكاته. روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "زكاة العلم تعليمه منلا يعلمه"[9] .

وعن الإمام علي (عليه السلام): "زكاة العلم بذله لمستحقه"[10] .

وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "لكل شيء زكاة وزكاة العلم أن يعلّمه أهله"[11] .

إن بذل العلم للناس يزكي نفس العالم ويطهرها من الأنانية والبخل، ويؤكد لديه الشعور بالمسؤولية، فالعلم ليس تشريفاً فقط وإنما هو مسؤولية وتكليف.

من ناحية أخرى فإن بذل العلم يزيده وينميه، كما يقول الإمام علي (عليه السلام): "والعلـم يزكـو على الإنفاق"[12]  أي يزيد وينمو.

ذلك أن إبداء المعلومات يرسخّها في ذاكرة الإنسان، فالفكرة أو المعلومة التي تطرحها عدة مرات مثلاً تصبح أكثر حضوراً في ذهنك، وأبعد عن الغفلة والنسيان.

وطرح الأفكار والآراء أمام الآخرين يعطي الفرصة والمجال لتمحيصها ونقدها ومناقشتها، فقد ينطوي الإنسان على نظرية ما معتقداً صحتها وصوابها، فإذا ما طرحها للتداول العلمي والفكري بين الناس، فإنها قد تثير شيئاً من التساؤل والأخذ والرد، يدعو صاحبها لإعادة النظر فيها، بمعالجة الثغرات ونقاط الضعف في النظرية، مما يعمقها ويقوّيها، أو بالتراجع عنها إذا انكشف له بطلانها، وذلك مكسب هام وفائدة كبيرة، لا تحصل بانطواء العالم على علمه، وإنما ببذل العلم ونشره.

من ناحية أخرى فإن بذل العلم ينشّط الحركة الفكرية والعلمية في المجتمع، وذلك من صالح العالم نفسه، حيث أن انتماءه لمجتمع حيوي له حركة معرفية، يزيد في نشاطه العلمي، ويدفعه أكثر للتفاعل والتقدم.

لكل ذلك يكون بذل العلم زكاة له أي سبباً لنمائه وبركته.

بذل العلم

إنما يتوجه الإنسان لدراسة العلوم الدينية، والمعارف الشرعية، من أجل أن يمتلك هو البصيرة في دينه أولاً، ويعرف التكاليف الموجهة إليه، ولكي يقوم بهداية الآخرين وإرشادهم ثانياً، يقول تعالى: ﴿فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾[13] .

والمهمة الثانية تترتب بشكل طبيعي وقهري على إنجاز المهمة الأولى، فإذا ما علم الإنسان وفقه، فإنه يتحمل مسؤولية تعليم الآخرين وتفقيههم، وإن لم يكن يستهدف ذلك منذ البداية.

بالطبع هنالك نصوص تتحدث عن المسؤولية تجاه العلم بشكل مطلق، أي كل علم يحتاج إليه الناس، ويستفيدون منه، في أمور دينهم أو دنياهم. روي عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): "من أوجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئاً ينفعه لا من دنياه ولا من آخرته"[14] .

وجاء في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ثلاث من حقائق الإيمان... وبذل العلم للمتعلم"[15] .

وقال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) في تفسير قولـه تعالى: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾: "مما علمناهم يبثون"[16] .

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر"[17] .

ويقول الإمام علي(عليه السلام): "ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا"[18]  وفي كلمة أخرى يقول (عليه السلام): "شكر العالم على علمه أن يبذلـه لمن يستحقه".

وبذل العلم له عدة قنوات ووسائل من أبرزها: التدريس والتأليف والخطابة.

أبو المكارم

وأمامنا الآن حياة الإمام الشيخ جعفر أبي المكارم (1281-1342هـ) وهو علم بارز من أعلام القطيف والبحرين، انحدر من أسرة علمية عريقة توارثت العلم والفضيلة لأكثر من قرنين من الزمن - ضمن التاريخ المعروف -، وانتهل المعرفة والأدب منذ نعومة أظفاره، على يد والده وأعلام أسرته، ثم هاجر في مقتبل شبابه وهو في سن الرابعة عشر من عمره، إلى الحوزة العلمية في النجف، حيث عكف على الدراسة والعلم لثمانية عشر سنة، وعاد إلى بلاده ليؤدي دور العالم الملتزم، والفقيه المسؤول، وكانت حياته عامرة بالعطاء العلمي، والنشاط الاجتماعي، كأنموذج للعالم الصادق، الذي يبذل علمه، ويؤدي زكاة معرفته.

وفي هذه السطور المتواضعة نسلط الأضواء على جانب من عطائه العلمي والثقافي ضمن مجالات التدريس والتأليف والإرشاد الاجتماعي العام.

هذه المجالات الثلاث، التي سلكها العلماء، لنشر علمهم وبثه وبذله في المجتمعات البشرية.

التدريس والتعليم

هو الطريق لتوارث العلم بين الأجيال، وانتقال الخبرات والمعارف، حيث يلتزم العالم مجموعة من الراغبين في العلم، ويواظب على تدريسهم وتعليمهم، ضمن منهج وبرنامج محدد، يختلف من عصر إلى آخر.

والتدريس التزام يأخذ من جهد العالم ووقته، وهو من أبرز مصاديق بذل العلم، وأظهر تجليات القيام بمسئوليته. لذلك يحذر الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) من التهاون في أداء هذا الواجب حيث يقول فيما روي عنه: "إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الأول من النار"[19] .

وقد اهتم علماؤنا الأخيار بهذا الجانب اهتماماً كبيراً، فجعلوا التدريس في مقدمة برامجهم، ومن أولويات حياتهم، وربما يقضي بعضهم أكثر عمره ووقته في تدريس الطلاب، وبعض العلماء تخرج على يديه المئات من العلماء والفضلاء. كشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460هـ) والذي تخرج عليه عدد كثير من الفقهاء والمجتهدين، ومن العلماء المفسرين والمتكلمين، وفضلاء تلامذته الذين كانوا مجتهدين يزيدون على ثلاثمائة فاضل من الخاصة، - الشيعة- ومن العامة -أهل السنة- ما لا يحصى[20] .

والمحقق الشيخ محمد كاظم الخراساني (1255 - 1329هـ) والذي كان عدد طلاب درسه في آخر دورة دراسية علمية يزيد على 1200 طالباً[21]  فضلاً عن طلاب دوراته السابقة، ويقول عنه السيد محسن الأمين: كان مجتهداً لا يفارق التدريس في حال[22]  حتى حكى أحد تلامذته أنه حصل في أحد الأيام مطر شديد في النجف، وكان الشارع موحلاً، فتوقعت أن الأستاذ الشيخ الخراساني لا يخرج إلى الدرس، ولكنه لم يترك درسه. ويتحدث المرجع الديني السيد محمد الشيرازي عن مواظبة العلماء على التدريس والتعليم حتى في أشد الأوقات وأحلك الظروف قائلاً: إن مما يتناقل بين العلماء والطلبة: أن إمام الجماعة إذا لم يأت فاذهبوا إلى عيادته، فإنه لا يتأخر عن صلاة الجماعة إلا لمرض، أما المدرس إذا لم يأت فخذوا النعش إلى بيته، فإنه لو كان حياً لما تأخر عن درسه.

وفي هذا العصر ضرب الإمام السيد أبو القاسم الخوئي (1317 - 1413هـ) رقماً قياسياً في مزاولة التدريس وتربية الطلاب والعلماء حتى تخرج على يديه المئات من الفضلاء على مدى خمسة وسبعين عاماً.

وعلى نهج العلماء المخلصين، الذين يرون أنفسهم حلقة في سلسلة العلم الخالدة، يأخذونه ممن قبلهم ويضفون عليه تطويرهم وابتكاراتهم، ثم يوصلونه إلى من بعدهم، على هذا النهج سار الإمام الشيخ جعفر أبو المكارم، حيث اهتم بعد نيله مرتبة عالية من العلم والمعرفة، بتربية الطلاب الفضلاء، وتدريسهم علوم الشريعة الغراء.

ويظهر مما ذكره الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني عند ترجمته للشيخ جعفر أبي المكارم في (معجم رجال الفكر والأدب في النجف) أنه مارس التدريس، ضمن مستوى البحث الخارج، لعدة سنين في النجف الأشرف، وقبل أن يعود إلى وطنه، حيث قال ما نصه: "وبلغ مرتبة عالية من الاجتهاد والمعرفة، واستقل بالتدريس والبحث. وبعد سنين انتقل إلى مسقط رأسه"[23] .

وبعد عودته من النجف الأشرف واستقراره في بلده، ورغم انشغاله بالمهام الدينية والاجتماعية، إلا أنه واصل مسار التدريس والتعليم، ومع أن مترجميه لم يذكروا في قائمة تلامذته أكثر من عشرة أسماء، إلا أن ما يبدو من قرائن، يشير إلى أن الناهلين من علمه، والمتتلمذين على يديه، أكثر من هذا العدد، لكن لم يحصل بحث وتتبع شامل. فاستقلاله بالتدريس والبحث لسنين في النجف، وهمته العالية، ونشاطه المتميز وقدرته البيانية، كل ذلك يدعو إلى سعة رقعة طلابه وتلامذته.

ويلحظ ضمن تلامذته المذكورين في كتب التراجم، وجود أعلام فضلاء، كالعلامة النسابة السيد مهدي بن السيد علي الغريفي (1300 - 1344هـ)، والعلامة الشيخ خلف بن الشيخ أحمد العصفور (1285 - 1355هـ) القاضي الشرعي العام في البحرين، وولده العلامة الشيخ علي (1313 - 1364هـ) والعالم الفاضل التقي الشيخ محمد بن سلمان الستري (توفي 1339هـ) وغيرهم.

الكتابة والتأليف

لأن الإسلام مشروع حضارة، ودين علم ومعرفة، فقد أولى وسائل العلم وأدوات الثقافة، كل اهتمام ورعاية، لذا أشاد القرآن الكريم بالقلم والكتابة، وجعله عنواناً لسورة من سوره، وهي سورة (القلم)، والتي أقسم الله تعالى في مطلعها بالقلم والكتابة (ن والقلم وما يسطرون). كما أن أول آيات القرآن نزولاً على رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت دعوة إلى القراءة، وتذكيراً بنعمة القلم ودوره في تعليم الإنسان، كأعظم نعمة على الإنسان بعد نعمة خلقه وإيجاده. يقول تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَميَعْلَم﴾[24] .

والقلم كأي نعمة أخرى تحتاج إلى استثمار وتوظيف، إن الكثيرين ممن يمتلكون القابلية والاستعداد للكتابة والتأليف، قد لا يترجمون تلك القوة فعلاً في حياتهم، فلا يشهرون القلم سلاحاً في الدفاع عن مبادئهم، ووسيلة لحفظ أفكارهم وتجاربهم، ونقلها إلى الآخرين.

مع أن الإسلام في تعاليمه يؤكد على كل من أُوتي نصيباً من العلم، أن يحفظه بالكتابة لنفسه وللأجيال القادمة. فقد ورد في الحديث عن رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "قيّدوا العلم بالكتاب"[25]  وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "قيّدوا العلم".قيل: وما تقييده؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "كتابته"[26]  وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا"[27] .

وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يشجع أصحابه وأبناء أمته على كتابة العلم بشكل عام والمعارف الدينية بشكل خاص،كقولـه (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كتب عني علماً أو حديثاً لم يزل يكتب له الأجر ما بقي ذلك العلم والحديث"[28] .

وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً فيما بينه وبين النار"[29] .

ولا أكثر من أن يعتبر رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) دور الكتابة والتأليف أهم وأرجح من دور القتال في سبيل الله حتى الشهادة، حيث ورد عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: "يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء"[30] .

انطلاقاً من هذه التوجيهات الإسلامية العظيمة، وإدراكاً لأهمية دور القلم في بث العلم ونشر المعرفة، بادر علماؤنا الأخيار لتحمل مسؤولياتهم المبدئية في هذا المجال، وأثروا حركة الفكر البشري بإنتاجهم العلمي الغزير، في مختلف مجالات المعرفة والحياة.

ورغم أن بعضهم كان يعيش ظروفاً بالغة القسوة، وكانت تواجهه الصعوبات والعقبات، إلا أن الهمة العالية، وروح التضحية والعطاء، وأخلاقية المثابرة والاجتهاد، كل ذلك كان حافزاً لتجاوز التحديات والمعوقات.

فالكتابة والتأليف يجب أن تكون جزءاً من برنامج حياة العالم إلى جانب سائر مهامه والتزاماته، ولا ينبغي الاعتذار بالانشغالات المختلفة عن هذه المهمة الحساسة، وفي سير علمائنا الأخيار ما يدعو إلى التأسي والاقتداء، فالعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (1027 - 1110هـ) صاحب بحار الأنوار كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في إصفهان، وكان يباشر جميع المرافعات بنفسه، ولا تفوته صلاة الأموات والجماعات والضيافات والعبادات، وبلغ من كثرة ضيافته أن رجلاً كان يكتب أسماء من أضافه.. وكان له شوق شديد إلى التدريس وخرج من مجلس درسه جماعة كثيرة من الفضلاء بلغوا ألف نفس، وكان يباشر أمور معاشه وحوائج دنياه بغاية الضبط، ومع ذلك بلغت مؤلفاته ما بلغت.. حتى لا تكاد تجد آية ولا خبراً في الأصول والفروع وغيرها إلا وله فيه بيان وتوضيح، سوى ما اختص بالتحقيق والتهذيب.. ويقال: أن تصانيفه تبلغ ألف ألف -مليون- وأربعمائة ألف وألفان وسبعمائة بيتاً، والبيت في اصطلاح الكتّاب عبارة عن خمسين حرفاً[31] .

وجاء في حياة الشيخ محمد حسن النجفي (توفي 1266هـ) صاحب الموسوعة الفقهية المعروفة جواهر الكلام أنه كان يقول: عندما كنت أكتب الفقه عاهدت عهداً أن أكتب كل يوم كراساً والكراس عبارة عن جزوة[32]  وحدث أن توفي أحد أولاده في ريعان شبابه فجلس أمام جنازته يبكي ويواصل كتابة كراسه لذلك اليوم.

وهذا ما نلحظه في حياة الشيخ جعفر أبي المكارم، والذي عاش ظروفاً تعصف بها الأخطار الأمنية، والتقلبات السياسية، والمشاكل الاجتماعية، وكان يتردد بين البحرين والقطيف، ويتحمل أعباء الزعامة في مجتمعه، وتعترضه عقبات وعراقيل المخالفين والمناوئين.. ولكنه ومع كل ذلك قدم لعالم المعرفة والأدب مجموعة قيمة من المصنفات والمؤلفات.

ويشير رحمه الله إلى ما كان يواجهه من ظروف صعبة، لم تخضع لها همته، بل تحداها بعزيمة راسخة، يشير إلى ذلك في نهاية أحد كتبه (درة الصدف) قائلاً: "هذا ما سنح على تشتت البال، واضطراب الأحوال، بكثرة عروض الأشغال، وتصادم الأهوال.. باليوم السادس من ذي الحجة أحد شهور سنة 1332هـ وهو إذ ذاك في البحرين على خوف ووجل والحمد لله رب العالمين".

وحينما نستعرض عناوين مؤلفاته وبعض أبحاثه فإننا نلحظ ما يلي:

أولاً: ما منحه الله تعالى من التوفيق بكثرة المؤلفات، قياساً إلى المحيط الذي كان يعيش فيه، ومقارنة بعلماء آخرين عاصروا زمانه وظروفه، وعرفوا بالعلم والفضيلة، لكن أغلبهم إما لم يقتحم عالم الكتابة والتأليف، أو كان إنتاجه قليلاً لا يتعدى الكتابين أو الثلاثة، بينما رشح عن قلم الشيخ أبي المكارم ما يزيد على الخمسين كتاباً وهذا ما لفت نظر الدكتور الأميني حيث وصفه بقوله: "مجتهد فاضل، عالم كامل، متتبع مؤلف، كثير البحث والتصنيف"[33] .

ثانياً: نلحظ التنوع في المواضيع التي تناولتها مؤلفاته، من فقه وأصول ومنطق وعقائد وتاريخ وأدب وفلك، مما يدل على سعة أفقه وموسوعية معارفه.

ثالثاً: يجد الباحث في ما طبع من مؤلفاته، أنه يتحلى بروح موضوعية في معالجة المسائل العلمية، حيث يتتبع الآراء، ويقارن بينها بإنصاف، ويحاكمها بهدوء واتزان.

رابعاً: الاستجابة للتحديات الفكرية والثقافية في عصره وبيئته، فالعديد من البحوث كتبها إجابة على أسئلة قدمت إليه، كتحفة السائل، وجذوة الحق، وجوابات المسائل المحمرية، ومنح القادر. أو لمناقشة قضايا مطروحة في المجتمع بشكل عام، أو في الوسط العلمي بشكل خاص، كإغاثة الغريق، وتمهيد البرهان، وجمانة البحرين، وقامعة الفساد بعلم الرشاد، ومنار الحق.

خامساً: الروح الوحدوية والتي يؤكدها ويدعو لها في العديد من مؤلفاته، على نطاق الأمة، وفي إطار المذهب في وقت اشتدت فيه الحملات الطائفية، التي كانت ترمي أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، بأفظع التهم، وتصطنع الحواجز بينهم وبين بقية المسلمين، فقد كتب موضحاً حقيقة مذهب أهل البيت، والأدلة التي قام عليها من الكتاب والسنة، وناقش بعض قضايا الخلاف، بروح علمية منطقية، ويتجلى ذلك في مقدمة كتابه (درة الصدف) وكتابه (مشكاة الأنوار).

من ناحية أخرى فإن تعدد المدارس الفكرية والاجتهادية ضمن مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، كان ينتج بعض التشنجات والصراعات، حيث يندفع بعض المتحمسين إلى مهاجمة المخالفين له في الرأي، بطريقة سيئة، تمزق الصف، وتوجد الاضطراب والنزاع. وكان موقف الشيخ أبي المكارم في بعض بحوثه ومؤلفاته، منصباً على مواجهة هذا التطرف والتشنج، كما يظهر ذلك في كتابه (نقد بوار الغالين).

هذه بعض ميزات الثروة العلمية والثقافية التي تركها الشيخ جعفر أبو المكارم، والتي نرجو أن يتحقق الأمل، بإخراجها إلى عالم الطباعة والنشر، لتأخذ موقعها المناسب في مكتبة المعرفة الإنسانية.

الجمعة والخطابة

وإذا كان التدريس والتأليف متوجهاً للنخبة ولفئة محدودة من المجتمع، فإن الخطابة هي جسر تواصل العالم مع الجمهور وعامة الناس، وكما كان الأنبياء والرسل يبلغون دعوة الله تعالى للناس كافة، فإن علماء الدين وهم ورثة الأنبياء وحملة رسالتهم، لا بد وأن يتخاطبوا مع جميع الناس، ولقد فرض الإسلام خطاب الجمهور كجزء من الصلاة في صلاة الجمعة والعيدين.

وخطاب الجمهور يقتضي البساطة والوضوح، فهو ليس كالدرس أو الكتابة، ضمن مستوى معين، وبمصطلحات علمية خاصة. لقد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أعلم البشر يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم و قبائلهم وتباين بطونهم وأفخاذهم وفصائلهم، يخاطب كلاً منهم بما يفهمون، ويحادثهم بما يعلمون، ولذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم"[34] .

وروى أبو داود في سننه حديث رقم 4839 أن كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان فصلاً يفهمه كل من سمعه[35] .

وورد أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم، وكان يقصر خطبته أحياناً ويطيلها أحياناً بحسب حاجة الناس. وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة[36] .

ومن الخطأ ما يشيع في بعض الأوساط العلمية من تنافي دور الخطابة الجماهيرية مع المقام العلمي الرفيع، وأن الخطابة عمل احترافي تقوم به فئة متفرغة له من ذوي المستوى العلمي المحدود، أما كبار العلماء فلا يناسب ذلك مقامهم وشأنهم!! وقد تحدث الشهيد السيد مهدي الحكيم في مذكراته أنه لما بدأ إلقاء المحاضرات الجماهيرية، جاء بعض العلماء إلى والده المرجع السيد الحكيم لينصحه بترك ذلك، لأنه لا يليق بشأنه ومكانته!!

إن في تاريخنا علماء فطاحل مارسوا الوعظ والإرشاد الجماهيري فكان لذلك أعظم الأثر في مجتمعاتهم كالمحقق الشيخ جعفر الشوشتري (توفي 1303هـ) الذي يقول عنه السيد الأمين: كان عالماً من أعلام العلماء فقيهاً واعظاً، له شهرة واسعة، واشتهر بالوعظ والخطابة، وكانت تجتمع الألوف تحت منبره لسماع مواعظه.. رجع إلى بلده تستر في إيران رئيساً مطاعاً مرجعاً في التقليد والأحكام، وأخذ في الوعظ في شهر رمضان وغيره، ونبغ في ذلك بحيث لم يعهد له نظير، وترتب على وجوده آثار جليلة.. وحصل من وعظه هداية كثير من الناس[37] .

خطب الجمعات

وفي منطقة القطيف تميز الشيخ جعفر أبو المكارم كفقيه في عصره، بممارسة دور الخطابة للجمهور، فهو كان يرى وجوب إقامة صلاة الجمعة، وهي تستلزم إلقاء خطبتين من الإمام قبل الصلاة، وكان يقيمها في أي بلد تيسر له- على حد تعبير الشيخ إبراهيم المبارك في ترجمته له في ماضي البحرين وحاضرها-، فحينما يكون في البحرين يقيمها هناك في سترة أو غيرها، كما واظب على إقامتها في القطيف.

والرأي السائد عند علماء القطيف عدم إقامة صلاة الجمعة إما لحرمة إقامتها زمن الغيبة كما هو رأي الشيخ إبراهيم القطيفي (توفي 940هـ) من المتقدمين، ورأي الشيخ علي - أبو الحسن- الخنيزي (1291 - 1363هـ) من المتأخرين. أو لعدم وجوبها لفقدان بعض شرائطها كما هو رأي الكثير من الفقهاء.

وبذلك حرم المجتمع القطيفي ولا يزال من الفوائد والمنافع الكبيرة التي تحققها إقامة صلاة الجمعة، مع أنها أصبحت تقام الآن في العديد من البلدان والمناطق الشيعية كإيران ولبنان وسوريا ومناطق أخرى.

أقام الشيخ جعفر أبو المكارم صلاة الجمعة في العوامية بعد أن آب إليها من النجف الأشرف، وواجه بالطبع معارضة يبدو أنها كانت شديدة، ذلك لأنها عمل لم يكن مألوفاً في المجتمع، ولأن بقية العلماء لا يرونها، وهنا تختلط الأوراق، بين اختلاف الرأي، والذي هو أمر مشروع، ومن حق كل فقيه أن يبين رأيه، وبين تحوّل المسألة إلى نزاع وخلاف شخصي واجتماعي، قد يغذيه التحاسد، والتنافس على الزعامة والمكانة، وتعبئة الجمهور بطريقة سيئة من قبل هذا الطرف أو ذاك..

لكن الشيخ جعفر واجه ذلك الموقف بحزم فيه لين، وأصر على تنفيذ ما يراه حكماً شرعياً، متحملاً الإهانات والإساءات، كما يظهر من كلام الشيخ إبراهيم المبارك عنه حيث يقول: وكان لشدة جسارته، وقوة عارضته، أقام الجمعة في القطيف على كثرة المعارضين له، وقوة المنحرفين عن رأيه في الجمعة، فسار قدماً لم يتعثر ولم يتلكأ، ولو كان غيره لرجع القهقرى. وعلق على هذا القول الأستاذ محمد أمين أبو المكارم بقوله: ولا يزال على قيد الحياة من الرجال المسنين الذين أدركوه وصلوا معه الجمعة، وقد وصف بعضهم تصرفات صبيانية، كان يمارسها البعض، كإلقاء النجاسة على المصلين لإجبارهم على ترك الصلاة، والتي كان يقيمها الشيخ في الساحة الشهيرة في العوامية والتي يطلق عليها (كربلاء) كما كان يقيم فيها الأعياد والآيات والاستسقاء[38] .

فكانت صلاة الجمعة موعداً أسبوعياً لخطاب جماهيري يلقيه سماحته على المجتمع، وقد جمع ولده المقدس الشيخ علي مجموعة من خطبه في الجمعات والأعياد، وعنونها بـ(المواعظ الجعفرية).

المنبر الحسيني

على أن الأمر الذي استوقفني في حياته أكثر، ممارسته للخطابة المنبرية الحسينية في المأتم، وذلك غير متداول بين الفقهاء في المجتمعات الشيعية العربية، وإن كان يحدث من قبل بعض الفقهاء في إيران، أما في الحوزة العلمية النجفية وامتداداتها، فكان هناك فرز بين الخطباء المنبريين، والعلماء الفقهاء، وكان ينظر إلى الخطابة كممارسة لا تليق بمقام العالم، ولا ينبغي أن ينشغل بها-كما سبقت الإشارة-. ولابتعاد العلماء الفضلاء عن ارتقاء المنابر، أصبح الشاغلون لهذا الدور- غالباً- من محدودي المستوى العلمي الثقافي،وفي بعض الأحيان ممن لا يمتلكون أي مستوى، مما جعل توجيه الجمهور وخاصة في المناسبات الحاشدة المؤثرة كعاشوراء، يأتي من قبل مستويات غير متمكنة من إسداء التوجيه السليم، واستثمار هذه المناسبات الهامة.

وإدراكاً من الشيخ أبي المكارم لهذه الحقيقة، فقد تصدى بنفسه للقيام بهذا الدور الهام، فكان يرتقي المنبر في مناسبات ذكريات أهل البيت عليهم السلام كعاشوراء وأيام الوفيات، ويوظف خطابته في بث المسائل الشرعية، والطرح السليم لحياة أهل البيت وسيرتهم، مع رثائهم وذكر مصائبهم، وقد استغل بعض أبناء الصنف ذلك للانتقاص من مقامه ومكانته العلمية، لكن إخلاصه وشجاعته سمت به عن التأثر بتلك الضغوط والإساءات.

وقد تحدث رحمه الله عن موقفه هذا بقوله: "ونسبوا لقصور عقولهم، وكثافة نفوسهم من يقوم في مأتم آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من أهل العلم، مسمعاً شيعتهم شطراً مما لاقوه من تلك المصيبات، إلى النقص، وأكدوا ذلك في المجتهد، وحكموا بعدم مناسبة ذلك له، في زمان من الأزمنة وساعة من الساعات، معللين أن ذلك يكون على علمه من أعظم الأوباء، وأعظم الآفات.."[39] .

ويدافع السيد مهدي الغريفي عن رأي وموقف أستاذه الشيخ جعفر، حيث كتب ما يلي: "ومن العجب أن هذا الرجل على ابتلائه بأهل هذا الزمان، لا تراه إلا على نسق السلف من العلماء، من حيث التلبس بما يعده اليوم بعض المغرورين منقصة في العالم، كالوعظ على المنبر، وذكر الحسين (عليه السلام) والرثاء له، ونظم الرثاء عليه، وإشغال مجلسه غالباً بفضائل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذكر ما جرى عليهم، وهذا كله مما يعده غالب من تلبس بموهوم العلم اليوم منقصة للعالم وهو والله أجلى حلّي، وأحلى حلية، لمن قام بوظائفه، اللهم ارزقنا القيام بـهذه الوظيفة الحسينية"[40] .

وهكذا شق أبو المكارم قناة أخرى من قنوات العطاء العلمي والثقافي، ومارس دوراً آخر في القيام بوظيفته الدينية، وأصبح أكثر تواصلاً مع الجمهور وتأثيراً في المجتمع، عبر الخطابة والمنبر.

وقد تحدث بعض مترجميه عن هذا البعد من شخصيته فأشادوا بملكته الخطابية، وقدرته البيانية.

فالأديب الشيخ محمد علي التاجر في (منتظم الدرين) بعد أن تحدث عن علمه وفقهه وأدبه وأخلاقه وصفه بأنه "كان واعظاً خطيباً مصقعاً".

والعلامة الشيخ إبراهيم المبارك في (ماضي البحرين وحاضرها)، يصفه أيضاً بأنه "كان له لسان وحزم ونفوذ وهيبة".

رحم الله الشيخ جعفر أبا المكارم، وجزاه خير الجزاء على عطائه العلمي والثقافي، وأيد الله علماءنا الباقين ووفقهم لمواصلة مسيرة العلم والمعرفة، والقيام بالمسؤوليات الدينية العظيمة وخاصة في هذا العصر وحيث تعصف بالأمة التحديات، وتحدق بها المشاكل والأخطار، فإنه ينبغي إعلان حالة الطوارئ في حياة علماء الدين، بمضاعفة جهودهم، وتكثيف نشاطهم العلمي والثقافي والاجتماعي، حتى تتجاوز الأمة حالة الخطر الداهم.

والحمد لله رب العالمين.

العدد (19) الربع الأخير 2000م

[1] سورة الشمس الآية 9.
[2] سورة الأعلى الآية 14.
[3] ابن منظور، لسان العرب، ج3، ص36.
[4] سورة التوبة الآية 103.
[5] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج93، ص23.
[6] المصدر السابق ص14.
[7] الآمدي التميمي، عبد الواحد، غرر الحكم - حرف اللام.
[8] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج75، ص247.
[9] المصدر السابق ج2، ص25.
[10] الآمدي التميمي، عبد الواحد، غرر الحكم – حرف الزاء.
[11] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج2، ص25.
[12] الموسوي، الشريف الرضي، نهج البلاغة
[13] سورة التوبة الآية 122.
[14] الحكيمي، الحياة، ج2، ص338.
[15] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج2، ص15.
[16] المصدر السابق ص17.
[17] المصدر السابق ص17.
[18] الموسوي، الشريف الرضي، نهج البلاغة.
[19] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج2، ص108.
[20] الخوئي، السيد أبو القاسم، معجم رجال الحديث، ج15، ص247.
[21] الطهراني، آغا بزرك، الذريعة، ج4، ص367.
[22] الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، ج9، ص6.
[23] الأميني، محمد هادي، معجم رجال الفكر والأدب في النجف، ج1، ص209.
[24] سورة العلق الآية 1 - 5
[25] الهندي، علي المتقي، كنز العمال، ج10، ص249، حديث رقم 29332
[26] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار ج2، ص 151.
[27] المصدر السابق ص152.
[28] الهندي، علي المتقي، كنز العمال، ج10، ص183، حديث رقم 28951.
[29] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج1، ص198.
[30] الريشهري،المحمدي، ميزان الحكمة، ج6، ص457.
[31] الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، ج9، ص182 - 184.
[32] التنكابني، الميرزا محمد بن سليمان، قصص العلماء ص117.
[33] الأميني، محمد هادي، معجم رجال الفكر والأدب في النجف، ج1، ص208.
[34] الصالحي الشامي، محمد بن يوسف، سبل الهدى والرشاد، ج2، ص94.
[35] المصدر السابق، ج7، ص129.
[36] المصدر السابق، ج8، ص222.
[37] الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، ج4، ص95.
[38] أبو المكارم، محمد أمين، الواحة، دعوة الحق إلى صلاة الجمعة، عدد6 ربيع الثاني 1417هـ، ص183.
[39] أبو المكارم، الشيخ جعفر، إغاثة الغريق، مخطوط ص2.
[40] الغريفي، السيد مهدي، الرق المنشور، مخطوط ص20.