الفكر الاحتكاري

 

انتقد سماحة الشيخ حسن الصفار في محاضرة الليلة الخامسة من موسم عاشوراء التي جاءت بعنوان: ”احتكار الجنة“ أولئك الذين يحتكرون الجنة من فرق ومذاهب دينية حيث أن الجنة خاصة بهم وباقي خلق الله في نار جهنم، وكذلك شدد الشيخ الصفار على الرحمة الإلهية وأنها تشمل كل البشر من دون استثناء، وأكد أيضا على سماحة الإسلام الذي يرفض التعالي واحتقار غير المسلمين فضلا عن الاحتقار بين بعض المذاهب والفرق الإسلامية ومزاعم احتكار الجنة.

مع الأسف الشديد ظهرت هذه النزعة الاحتكارية لدى المذاهب والفرق الإسلامية في القرون الأولى من التاريخ الإسلامي، وبالتحديد بعد تبلور الفرق والمدارس المذهبية في ذلك الوقت، حيث احتكرت كل فرقة وكل مذهب الحق والجنة معا وباقي البشر في جهنم، برز هذا في الحرب الكلامية التي صاحبت وجود المذاهب في ذلك الوقت، طبعا هذه الحالة لم تكن خاصة بالمذاهب الإسلامية وحدهم، بل كانت سابقة لهم عند الأديان التي سبقت الإسلام كاليهودية والمسيحية حيث اعتقد كل دين أن الجنة له وحده وخاصة فيه، وهذا خلاف الرحمة التي وعد بها الله عباده، وكذلك تدخل في شأن إلهي حيث الثواب والعقاب بيده سبحانه وتعالى كذلك الجنة والنار.

ولكن الفكر الاحتكاري يتمنى صراحة هلاك الجميع من خالفهم من أتباع الطوائف والأديان الأخرى كما عبر الشيخ الصفار، وكأن الجنة التي قال عنها الله عز وجل: «وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين» سورة آل عمران، لا تتسع إلا لهم وحدهم مع الأسف الشديد وباقي البشر في جهنم، لكننا نقول لهذا الفكر الاحتكاري أن الله وحده فقط هو المتكفل بعباده وكذلك جنته يدخل فيها من يشاء ويخرج منها من يشاء هو الرحمن الرحيم التي رحمته وسعت كل شيء وهو الغفار الذي يقبل التوب من عباده وهو أرحم الراحمين.

من يحتكر الجنة وصل إلى نتيجة أنه أفضل خلق الله، وبهذا المنطق يتيح لنفسه احتقار الآخرين والتعالي عليهم لأنه الوحيد الذي يستحق الجنة وسواه مخلد في نار جهنم، لا أعلم كيف وصل إلى هذه النتيجة التي لا يعلم بها إلا الله سبحانه وتعالى، كل هذا نتيجة التعالي والغرور الذي جعله يزعم بأنه الوحيد في الجنة، يقول الشيخ حسن الصفار: ”أن من مفاعيل دعوى احتكار الجنة عند البعض هو الشعور بالتعالي واحتقار الآخرين بزعمهم أنهم من أهل الجنة والآخرون أهل النار“.

وعليه نقول كما قال المفكر علي شريعتي: ”خير لك أن تقضي وقتك بالسعي لإدخال نفسك الجنة، على السعي في إثبات أن غيرك سيدخل النار“.

في الختام نسأل الله أن يوفق سماحة الشيخ حسن الصفار لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة، ويجعله الله مناراة في نشر الوعي والعقلانية والتسامح وكل ما هو نافع يجنب هذه الأمة الأزمات والشرور.