حتى لا تكون فتنة

جريدة عكاظ د. معن الجربا

 

أكثر ما نحتاج إليه اليوم هو الحاجة الماسة والملحة إلى إحياء روح ومبادئ حضارة الإسلام الحقيقية في داخل نفوسنا وفي داخل عقولنا حتى نستطيع أن نستوعب كل الأعراق وكل المذاهب وكل الديانات بحب وقبول للآخر، نحن نحتاج إلى إعادة التوازن في تفكيرنا وإلى إعادة توجيه بوصلة المنطق إلى تلك المبادئ الحضارية النابعة من فهم صحيح للدين الإسلامي الذي حولنا من العصبية إلى التسامح ومن الظلم إلى العدل ومن الجهل إلى العلم ومن التقوقع إلى الانفتاح، نحتاج أن نعود إلى تلك المبادئ التي جعلتنا حضارة عالمية تسود وتهيمن وتنشر جوهر الإنسانية في كل الدنيا.


اليوم نحن بحاجة إلى توحيد الجهد العربي (إسلامي ومسيحي) وتوحيد الجهد الإسلامي (سني وشيعي) ضد خطر المشروع الصهيوني الاستعماري في المنطقة والذي يسعى إلى إثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين وبين السنة والشيعة، نحتاج اليوم إلى إشاعة ثقافة التسامح والتعايش السلمي بين أبناء المنطقة ونحتاج إلى عدم إثارة نزاعات جانبية بين العرب والمسلمين والمسيحيين على أساس طائفي أو عرقي. فالعدو ليس هو الشيعي أو الصوفي أو السلفي، العدو ليس هو المسيحي أو حتى اليهودي، أو أي دولة إسلامية أو عربية أخرى.


إن العدو الحقيقي هو الذي جاء من وراء المحيطات ليحتل أرضنا وينهب ثرواتنا، إن العدو الحقيقي هو الذي زرع في جسم هذه الأمة الكيان الصهيوني الإسرائيلي العنصري المحتل، إن العدو الحقيقي هو الذي يريد أن يثير الفتنة بين الدول العربية على أساس (مسلم، مسيحي) وبين الدول الإسلامية على أساس (سني، شيعي، عربي، فارسي، تركي، كردي، أمازيغي). إن العدو الحقيقي هو من يساعد هذا المخطط على النجاح ويسعى لإثارة فتن جانبية بين أبناء الأمة العربية والإسلامية ليشغلهم عن العدو الحقيقي المتمثل في الاحتلال الصهيوني للمنطقة.


نحن بحق في أمس الحاجة إلى إعادة النظر في هذه السموم التي شوهت روح حضارتنا وسماحة ديننا، هذه السموم التي تبث إلى عقولنا وعقول أبنائنا كل يوم وكل دقيقة من خلال قنوات فضائية مرتزقة تخصصت في إشعال الفتن أو من خلال كتب صفراء لا رقيب عليها ولا حسيب أو من خلال منابر أصبحت تفرق ولا تجمع.