"موقعية حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي" للمفكر الإسلامي الصفار

مساواة موسى آل هاشم

صدر في السعودية كتاب "موقعية حقوق الإنسان في الفقه الإسلامي" للمفكر الإسلامي السعودي الشيخ حسن بن موسى الصفار.

الكتاب الذي صدر في طبعته الأولى هو عبارة عن ورقة قدمها المؤلف للمؤتمر الثاني للهيئة العالمية للفقة الإسلامي المنعقد بعنوان "الفقه الإسلامي وتحديات العصر" في الفترة 15-16 ربيع الأول 1430هـ والموافق 12-13 مارس 2009م بمدينة اسطنبول.

وفيه تحدث المؤلف عن ريادة القرآن الكريم في إعلان حقوق الإنسان والتأسيس لمنظومة متكاملة من المبادئ والمفاهيم والإجراءات التي تقرر تلك الحقوق وتعزز تحقيقها وحمايتها مستشهداً بعدد من الآيات القرآنية، مستعرضاً نماذجاً من السنة النبوية في بعدها العملي المتمثل في الممارسة القيادية للرسول والتي خلص المؤلف في نهايتها إلى أن سيرته تعد أفضل نموذج تطبيقي في تاريخ البشرية لمبادئ حقوق الإنسان.

وفي محور "حقوق الإنسان في حياة الأمة" أشار المؤلف إلى الواقع السيئ للأمة الإسلامية وانعكاس ذلك على الجانب الثقافي والمعرفي وتأثير ذلك على الفقه الإسلامي كتضخم أبواب العبادات في مقابل تقلص أبواب السياسات وما يرتبط بالشؤون العامة للأمة أو إلغاءها من الدراسة والبحث الفقهي أو خضوع بعض الفقهاء للواقع السياسي وتشكل أرائهم الفقهية وفق هذا الواقع ومثل لذلك ببعض ما جاء في كتاب الأحكام السلطانية للماوردي.

وعن أسباب القصور في الفقه الإسلامي تحدث المؤلف عن تأثير الجانب الذاتي وتسرب الذاتية في العمل الاجتهادي وخصوصاً عند معالجة الواقع الاجتماعي ناقلاً بتصرف -كما أشار - أربعة منابع لخطر الذاتية في الممارسة الاجتهادية وذلك عن كتاب "اقتصادنا" للشهيد السيد محمد الصدر، مشيراً إلى تناول الشهيد المطهري هذه المشكلة في بحثه عن "الاجتهاد في الإسلام".

الذي دعا المؤلف إلى التأكيد على أن نقد الفقه الإسلامي ليس نقداً للشريعة أو للدين ذاته وإنما هو نقد لما استنبطه أو فهمه الفقيه والذي هو جهد بشري يحتمل الصواب والخطأ.

مشيراً إلى أهمية ودور النقد في إثراء علم الفقه وأصوله مؤكداً على عدم الاستهانة بجهود الفقهاء وإخلاصهم.

وفي المحور الأخير "حقوق الإنسان بين القرآن والفقه" خلص المؤلف إلى التفاوت الواضح والبون الشاسع بين مستوى الاهتمام القرآني بحقوق الإنسان وبين موقعتيها في الفقه الإسلامي مرجعاً ذلك لخضوع نتائج العملية الاجتهادية للبيئة السياسية والثقافية في مجتمعات الأمة الخاضعة لواقع الاستبداد والتخلف وإلى عدم مواكبة الفقه الإسلامي لتطور مسيرة حقوق الإنسان وتقدمها وتصاعد الاهتمام بها إعلامياً وشعبياً حيث أشار المؤلف إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وملحقاته التي تحظ بدراسة علمية ناقدة تؤصل مواده وفق موازين الفقه الإسلامي وعدم تبن الفقهاء حقوق الإنسان كعنوان لباب بمن أبواب الفقه يبحثون فيه ما يرتبط بجوانب هذه الحقوق من مسائل شرعية.

مضيفاً، عدم مراجعة الفقهاء الفتاوى والآراء الفقهية التي يبدو منها التصادم مع ما أقرته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على صعيد حرية المعتقد والعلاقة مع الأخر الديني وفي مجال الإدارة السياسية وحول دور المرأة ومشاركتها العامة.

ونبه المؤلف إلى عدم تجاهل بعض المبادرات التي قام بها بعض العلماء المفكرين وانعقاد بعض المؤتمرات واللقاءات العلمية لمقاربة موضوع حقوق الإنسان على ضوء الشريعة الإسلامية والمهتمة بهذا الموضوع.

وأتفق المؤلف في كتابه مع ما ذكره الأستاذ الشيخ حيدر حب الله في "فقه الجهاد في الإسلام" من أن الفقه الإسلامي، كسائر العلوم البشرية، يحتاج إلى إعادة هيكلة وتبويب كل فترة لتستجيب لطبيعة التطورات من جهة، كما تدفع العلم نفسه نحو المزيد من الإنتاج.

مشيداً بالتجربة الرائدة للفقيه الراحل السيد محمد الشيرازي على هذا الصعيد حيث أفرد في موسوعته الفقهية،أجزاء لعناوين مستحدثه في البحث مثل: فقه البيئة وفقه المرور وفقه العولمة وفقه الاجتماع وفقه السياسية وفقه الإدارة وغيرها.

وفي نهاية الكتاب تمنى المؤلف أن تضع الحوزات والمراكز الدينية مقرراً لتدريس حقوق الإنسان ضمن برامجها الدراسية وأن يشرع الفقهاء بتناول موضوع حقوق الإنسان في أبحاثهم العالية "بحث الخارج" وأن تضم رسائلهم العملية فصلاً حول هذا الموضوع وإعادة بحث المسائل الفقهية التي يبدو منها التعارض مع مواثيق حقوق الإنسان بجرأة وشجاعة، تلتزم بضوابط الشرع، وتتجاوز تحفظات الأجواء الفقهية السائدة والخاضعة لرأي السلف.

«لقراءة الكتاب اضغط هنا»

الجمعة 16/7/2010م الموافق 4/8/1431هـ