مشروع ابتعاث

في لقائنا بسماحة الشيخ حسن الصفار الأسبوع الماضي بمنزل الأخ المهندس مهدي الرمضان،تم الحديث عن أهمية الابتعاث لإكمال الدراسات الجامعية و/أو العليا بدول العالم المتقدمة.وقد استعرض الشيخ الصفار أثناء اللقاء ملامح زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية ولقائه بالطلبة المبتعثين وما قدمه لهم من توصيات تشحذ هممهم،وترفع معنوياتهم،وتشجيعهم على الجد والاجتهاد من أجل نيل الشهادات العليا.كما تناول دورهم العلمي والعملي المرتقب في بلادهم بمشيئة الله،والذي سيسهم في استقرار حياتهم الوظيفية،وتقدم نتاجهم،وبناء مجتمعهم،ورقي أوطانهم.لا أريد الإطالة في هذه المقدمة فقد أردت أن أنقل لكم موقفين حدثنا بهم الشيخ الصفار ضمن طيات محاضرته،وهما من أبرز ما ينبغي إيصالهما لأفراد وطني الغالي،للاستفادة من تجارب الآخرين.

أولهما: أحد طلبة العلم الأفغانيين الذين يدرسون العلم بأحد المراكز العلمية بسوريا،فقد كان يقطن بمنزل فسيح،وفجأة باعه وسكن في منزل أقل مساحة،وأكثر إهلاكا مما لفت أنظار من حوله.ولقربهم منه،شدهم ذلك إلى معرفة أسباب ذلك التحول،فسأله أحدهم :لماذا بعت ذلك المنزل الواسع،وقبلت بهذا المنزل الأقل شأنا بك؟فقال(أردت أن أستفيد من قيمته بهدف ابتعاث اثنين من أبنائي إلى ألمانيا من أجل إكمال دراستهما الجامعية).

فهذا تجسيد لمبدأ الأولوية،وتحقيق لهدف استراتيجي،وقراءة واعية لما يجب الاهتمام به،وإن كان يتطلب منا التضحية بأشياء مادية آنية لأجل بناء فلذات أكبادنا،وتحقيق طموحاتهم المعرفية،ولربما يوفر لنا مستقبلا أضعاف ما كنا نعتقد أننا خسرانه في الجانب المادي.

وثانيهما: مؤسسة أهلية في إحدى الدول العربية في نهاية السنة الدراسية تقوم بعمل مسح لاكتشاف أبرز الكفاءات المتخرجة من الثانوية العامة،ثم تبذل جهدها في سبيل إقناع أولياء أمورهم لابتعاثهم للجامعات العالمية بغرض إكمال دراستهم العلمية،ومتى ما شكى بعضهم بعدم توفر المبلغ الكافي لذلك الهدف،أو أن وضع أحدهم أو أكثر لن يسمح بتحقق ذلك الحلم،تبادر إدارة المؤسسة بإقراض الطالب ماليا،وفق إجراءات قانونية مقابل سدادها على أقساط متى ما حصل على الشهادة العلمية وتوظف في إحدى القطاعات الحكومية أو الخاصة.

هذا العمل المنظم،يستطيع أن يقوم به صاحب الصلاحية بخزينة مؤسساتنا الخيرية،أو رجل أعمال من تجارنا،أو مسؤول بمجلس عائلتنا،أو حتى يغطيه المخصص المالي السنوي لمشروع ضيافة أحد وجهائنا،أو لربما ميزانية عزاء أحد موتانا،طالما هدفنا صرف المخصصات المالية في المشاريع الحضارية التي تنمي المعرفة وتخدم المجتمع وتوجهه لقنوات الصرف الأفضل.

فالهدف من توقيت استعراضنا لهذين الموقفين لقرب انتهاء اختبارات نهاية العام الدراسي،من أجل تذكير أنفسنا بأهمية استثمار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث لمن تنطبق عليه شروط وزارة التعليم العالي،أو تحمل تكلفة دراسة أبنائنا للمقتدرين منا،أو تبني ابتعاث شريحة من المستفيدين في الجمعيات الخيرية من أرصدة هواميرنا ولو على نحو الاقتراض.

موقف:

يقدم بعضنا وبمبالغة لشراء سيارة جديدة ذات ماركة عالمية لابنه،أو توفير كافة متطلباته الكمالية تحت غطاء الترفيه والمحاكاة والظهور وغيره،ولكنه بعيد الاقتناع في أن يبذل بعض المال في سبيل بنائه العلمي.

24/6/2010هـ