حل لمشكلة التمييز الطائفي في الخليج

من أكثر الأسرار تفشياً في مجتمعات الخليج هو موضوع التمييز الطائفي... ووصفه بأنه سر يرجع إلى أنه، وحتى وقت قريب لم يكن يسمح بتداوله، بل حتى التلميح له في المستويات الرسمية، وفي الإعلام المؤسسي الرسمي والأهلي... ولكن هذا الحظر من التداول لم يمنع المستوى الشعبي من طرحه وتداوله بشكل يومي في المنتديات الخاصة وعلى شبكة الانترنت.

الواقع الشيعي في الخليج دائم الشكوى من التمييز الطائفي على صعيد الحقوق المدنية، وتختلف هذه الشكوى قوة وضعفاً بين هذه المجتمعات وان اشتركت في معظم عناصرها، ففي بعض مجتمعات الخليج تكون الشكوى من عدم السماح ببناء المساجد والحسينيات هي الأبرز، وفي مجتمعات أخرى تكون الشكوى من التمييز في الحصول على الوظائف العامة والقيادية، في حين يكون التمييز في التجنيس ومحاولة تغيير البناء الديموغرافي هي الشكوى الأبرز في مجتمعات خليجية أخرى... ولا يكاد يخلو مجتمع خليجي من وجود غالبية هذه الشكاوى بالإضافة إلى مسائل تمييزية أخرى كالمناهج التعليمية، والخطاب الإعلامي، وإعطاء التراخيص للمؤسسات الإعلامية والتربوية والأكاديمية، وغيرها من الشكاوى.

لم يكن يسمح في الفترة التي سبقت الاحتلال الأميركي للعراق لمثل هذه الشكاوى والمواضيع أن تظهر في الإعلام المؤسسي الخليجي مقروءاً كان أم مرئياً، رسمياً او اهليا، ولكن بعد التحول الذي حدث في العراق وكذلك طغيان الطابع الطائفي على بعض فترات الصراع الأهلي هناك، ودخول الكثير من الإعلام المؤسسي الخليجي في لعبة الاصطفاف الطائفي في هذا الصراع أخذ الحظر عن نقاش مثل هذه المواضيع في المجتمعات الخليجية بالتراخي والضعف بشكل تلقائي خصوصاً وهذه المواضيع تطرح عن الواقع القريب في العراق، وهو واقع متداخل بشكل كبير بالواقع الخليجي.

أخيراً... بدأت بعض حكومات خليجية، لأسباب كثيرة لن نعرضها هنا، في تبني حوارات يتم فيها طرح مواضيع التعايش الأهلي والتمييز في مجتمعاتها، ويتم تبني هذه النقاشات من قبل المراكز العليا في الهرم السياسي، كما حدث في المملكة العربية السعودية وذلك من خلال انشاء ورعاية «مركز الحوار الوطني» الذي رعى ويرعى الحوار بين نخب تمثل الشرائح المختلفة في المجتمع السعودي، ويؤمل أن ينتج هذا الحوار «ميثاق التعايش الوطني».

أخيراً أيضاً وفي أجواء تقدم هذا الحوار النخبوي تم السماح بتداول وطرح هذه المواضيع ومنها التمييز الطائفي من خلال مؤسسات إعلامية محلية، حيث كان باكورة هذه الخطوة هو الحوار الذي جري على قناة «دليل» الفضائية السعودية بين الشيخ حسن الصفار والشيخ سعد البريك والذي شهد كذلك مداخلات من رموز علمائية سنية وشيعية من داخل المملكة.

رغم تطور هذه الأجواء التي يراها الكثيرون من السنة والشيعة الخليجيين على أنها بوادر إيجابية في سبيل حل وحلحلة مشكلة التمييزالطائفي في مجتمعات الخليج إلا أن الأخبار التي تتحدث عن حدوث اعتقالات في هذه المنطقة أو تلك، على خلفيات طائفية بسبب إقامة أو انشاء مصلى أو حسينية مثلاً، هذه الأخبار تساهم بلا شك في تبديد هذه الأجواء والمشاعر الإيجابية والمتفائلة.

الواقع الخليجي في حاجة إلى طرح مثل هذه المواضيع بجرأة وبتوحيد سياق المبادرات الحوارية مع الممارسات على أرض الواقع حتى لا يتم وصف هذه المبادرات على أنها مسكنات آنية لظروف طارئة بدل أن توصف بأنها مرحلة مهمة في خطة جادة لعلاج إحدى مشاكل المجتمع الأكثر حساسية.

الخميس 8 ابريل 2010م - العدد: 11238
كاتب وأكاديمي كويتي