مشروع الصفار بدأ يؤتي أكله

منذ عودة الشيخ حسن الصفار ورفاقه من الخارج إلى ارض الوطن وبعد غياب امتد عقدا ونصف من الزمان أخذ يتبنى على عاتقه مشروع اللقاء مع الأخر وأقصد بالأخر المشترك معه في الوطن.
 
أن تجربه العيش خارج المملكة وفي مجتمعات متعددة ومنفتحة وفي فترة الثمانينيات بالخصوص والتي كانت المنطقة العربية والإسلامية تعج بها الكثير من الأفكار الحزبية والسياسية وبكافة مشاربها اليسارية والقومية والدينية الناشئة, بما في ذلك حركات المقاومة الفلسطينية بجميع تشكلاتها ومع أوج الحرب الأهلية اللبنانية المدمرة وما كانت تمثله تلك الحرب من صراعات أحيانا محليه طبقية وأحيانا دينية وأحيانا بين أبناء الدين الواحد وبين أبناء الطائفة الواحدة, وكذلك التدخلات العربية والدولية في هذه الحرب والأصطفافات التي خلفتها بين اللبنانيين تجاه هذه الدولة أو تلك وأيضا لا يفوتنا الإشارة إلى الحرب الباردة بين المعسكرين العالميين في وقتها, وكذلك الحرب العراقية الإيرانية ونتائجها المدمرة على البلدين وما خلفته من صراع مذهبي مقيت ومتأجج لا نزال نكتوي بناره حتى الآن.كل هذه الأحداث والتجارب أعطت الأخوة مزيدا من الوعي وصقلتهم بما فيه الكفاية ليعودوا إلى الوطن وهم متسلحين بهذه التجارب التي تحميهم من الانزلاق مرة أخرى في ما أحاق بالأخرين.
 
عندما طرح الشيخ حسن مشروعه الجديد اثار استغراب الكثير واستهجان البعض فكيف يمكن إن يكون هناك لقاء بين الشيعة وبين السلفيين السعوديين والذين يوصمون بالأكثر تشددا وانغلاقا تجاه الشيعة بل والأكثر تكفيرا لهم؟!
 
وهذا كلام صحيح وتساؤل في محله. ولكن ما العمل وأنت في وطن هذه إحدى مكوناته الرئيسية بل وأكثرها حجما وتأثيرا؟!هل تغلق الباب وتنكفئ على نفسك وتعيش داخل دائرتك الضيقة؟! أم تنفتح فقط على فئات من المجتمع تقبلك بطبعها بحكم مبادئها المستنيرة وبحكم أنها تلتقي معك في نفس المشروع والهم الوطني فقط؟؟!
 
أعتقد إن الخطوة السباقة التي اتخذها الصفار كانت مغامرة وجريئة ولكنها صحيحة مائة بالمائة, لأنه لو انتظر من الطرف الأخر إن يقوم بمبادرته لما حصل أي تطور ايجابي في الموضوع خصوصا إن الطرف الأخر ليس بحاجة لمثل هذه الخطوة وليست من اهتماماته وليست ملحه له بقدر حاجة الشيعة السعوديين لها لكسر طوق العزلة المفروضة عليهم من جانب التيار السلفي وهذه الخطوة من الشيخ الصفار مطلب وطني كلنا كأبناء وطن واحد نؤمن به.
 
لقد أثبتت التجربة إن التيار السلفي في السعودية ليس كله على نمط فكري واحد بل فيه المعتدل الوسطي وفيه من يؤمن بالتقارب من اجل التعايش من أبناء الوطن، ومن خلال هذه اللقاءات التي بدأ بها الشيخ حسن بدأنا نسمع أصواتا ايجابية لها رؤية مشابهه ورأينا العديد من وجوه سلفية في زيارات للشيخ حسن في منزله وحضر بعضها في منتديات ثقافية تنادي بأفكار مقاربة من فكر الشيخ, كما نقرأ وبشكل دائم مقالات في الصحف المحلية تصب في هذا الاتجاه وهذه كلها مؤشرات تبشر بعلاقات متوازنة وصحية تصب في مصلحة الوطن الواحد الذي كلنا نؤمن بمصيره المشترك، وما المقابلة التلفزيونية الأخيرة التي جمعت الشيخ حسن والشيخ سعد البريك وبغض النظر عن كل مادار فيها إلا إنها كانت في مجملها ايجابية.
 
مع العلم انه لا يزال من يقول ماذا استفدنا من هذه اللقاءات والسلفية لا تزال على نهجها التكفيري الأقصائي ولا تزال الفتاوى تصدر من هنا وهناك تجاه الشيعة. وأقول هذا كلام صحيح أيضا ولن تسكت بعض الرموز السلفية ولن تتخلى عن سلفيتها بهذه السهولة, ولكننا رأينا أصواتا سلفيه ولأول مرة ترد على أصوات سلفية أخرى وخير مثال تلك الردود على العريفي مثلا والتي خرجت من رموز سلفية لها وزنها وثقلها.هذا من جانب ومن الجانب الأخر ماذا خسر الشيعة من مشروع التقارب؟
 
وهذا هو السؤال الذي يجب إن يطرح.
 
مره أخرى أقول نعم للتعايش نعم للتقارب نعم وألف نعم للـوحدة بين أبناء الوطن الواحد بلا مناطقــية بلا قبليـه بلا عـشائرية وبلا طائفـية.

6/4/2010م
تاروت