البيان التالي

انتشرت إعلانات كثيرة عن برنامج "البيان التالي"، والذي يُقدّم من على شاشة قناة "دليل" من قِبل عبد العزيز قاسم الذي جمع في حلقته للأسبوع الماضي ما بين الشيخ حسن الصفار والشيخ سعد البريك، لمناقشة موضوع "التعايش بين الشيعة والسنّة ". ولست بحاجة – هُنا - لتقديم إجاباتٍ على كَمٍّ هائل من الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين مع انطلاق الإعلان عن البرنامج وموضوعه، والضيوف الذين شاركوا في البرنامج، والتي لن يكون أقلها:
 
- كم عدد المشاهدين الذي شاهدوا البرنامج؟!

- كم عدد المشاهدين الذين يتابعون برامج القناة، وعرفوا موعد البرنامج عن طريق متابعتهم الدائمة لها؟!

- كم عدد الذين جذبهم العنوان الذي انتشر قبل بَث البرنامج، وفي أماكن مختلفة ومتعدِّدة، لن يكون أقلها الشبكة العنكبوتية "الإنترنت"؟!

- ماذا قَدَّم برنامج "البيان التالي" من رؤية في سبيل التَّقدم نحو تعايش بين الشيعة والسنة؟!
 
تلك أسئلة، قد يهتم بمعرفة إجاباتها مُقدِّم البرنامج، والقناة التي يُبث من على شَـاشتها ذلك البرنامج، وصُنّاع الإعلام ؛ لتقديم رؤية تطويرية عربية نحو إعلام مُميَّز، بدلاً عن برامج الرقص والغناء، وبرامج ملء البطون وتخدير العقول..
 
بالمناسبة، قد تكون كُل تلك الأقلام التي بدأت تَهمس في آذان الصُّحف بعد بثِّ البرنامج، تُقدِّم إجابة على أحد الأسئلة التي بدأنا بها.
 
على الرغم من أن موضوع البرنامج، كان "التعايش بين الشيعة والسنة" ؛ إلا أن ما حدث في البرنامج كان واضحاً، في مُحاولة أخذه في جهة غير المراد منه، من تقديم رؤية واضحة، للتقدّم ولو بخطوة نحو التعايش المشترك، في وطـن واحد، يجمع مختلف الأطياف، إلى التراجع خُطوات للخلف، والغرق في وحل الطائفية التي كان ينبغي أن يتجاوزها المقَدِّم، على اعتبار إدارته للحوار، والمداخلات التي كانت تصب في نفس الاتجاه. ولم يكن الأمر بأحسن حال بالنسبة للشيخ البريك، من هذه الناحية ؛ بل جاء داعماً ورافداً لتحريك السفينة في الاتجاه الذي يرغبون فيه ؛ حتى وإن كانت – تلك السفينة – تسير عكس التيار!!
 
وفي البرنامج نفسه، نَجِد الشيخ الصفار الذي أبحر على مراكب الوطن، مُتجاوزاً كُل الحواجز التي وُضعت أمامه، وكُل محاولة لعرقلة مسيرة هذا الماراثون الذي بدأ للمُضي قُدماً للوصول إلى رؤية في تأصيل الطرق الكفيلة بدعم التعايش بين الشيعة والسنة، وهدم الـجُدر التي عزلت الأطراف عن بعضها ؛ بسبب رؤية قاصرة هُنا أو هُناك..

واقعاً، ومن خلال البرنامج – أيضاً- وبإثبات ما كُتِبَ، وما سوف يُكتب خلال الأيام القادمة، لقد انتصر الشيخ الصفار، في تَقديم رؤية واضحة وصافية، للمُضي قُدماً نحو التعايش بين السنة والشيعة، وفَشل التَّيار السلفي في تقديم رؤيته الأحادية..

هذا الانتصار يُحسب للشيخ الصفار، ويُسجّل له، ويُقدّم رؤية واضحة، لمن كان قد تشبَّع ببعض الأفكار الخاطئة عن الآخر، والفرصة مُتاحة للجميع في تقديم الرؤى الكفيلة بحلحلة تلك التوترات التي تُثار من بعض المتشددين بين الفينة والأخرى، في مُحاولة للنيل من الآخر والحط من قدره.

وهُنا، تُثار أسئلة، إذ هي المحرِّض على البحث والتفكير، في التقصي وكشف الحقائق، وعدم قبول الأفكار كمسلَّمات لا تحتمل الأخذ والرد..
 
- ألا ينبغي على التيار السلفي أن يُغيّر من طريقة تعاطيه مع مسألة التعايش، ويقبل بها كوقع لابدّ من التعايش معه؟!

- ألا ينبغي النظر إلى مدى أوسع وأرحب لـ- الآخر- مع المحافظة على خلق روابط تعايش بين الأطراف المختلفة، بصرف النظر عن التوجهات الدينية؟!

- ألا ينبغي أن يكون مركب الوطن الذي يحمل على ظهره مختلف الأطياف، المكان الذي ينبغي ؛ بل يجب المحافظة عليه بكُل وسيلة ممكنة، بدلاً من العمل على إغراقه؟!

- ما هو "البيان التالي" الذي يمكن أن يعمل على تقديم رؤية أشمل وأرقى، من خلال برنامج حواري، أو حراك ديناميكي فعلي على أرض الواقع؟!

6/4/2010م
الدمام