في رحاب الشيخ الصفار

بدعوة كريمة لحضور احتفالية التقرير السنوي لمكتب الشيخ الصفار كانت لنا أول زيارة للمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، وكانت تلك الزيارة على قصرها فرصة ذهبية للالتقاء بنخبة من العلماء والكتاب والأدباء، حيث اطلعنا وعن قرب على مخزون حضاري وعلمي وفكري وثقافي كبير، ولكنه في الوقت نفسه وللأسف الشديد مغيب عن مختلف وسائل الإعلام وان ظهر فانه لا يعطى حقه أو حجمه الصحيح الذي يليق به، ولعل إطلالة الشاعر جاسم الصحيح في مهرجان الجنادرية الخامس والعشرين قبل أيام هو احد تلك الإبداعات التي تزخر بها المنطقة الشرقية في مناطق الأحساء والقطيف والدمام، ولا نعدو الصواب إن قلنا ان الشيخ الصفار يأتي في مقدمة علماء المنطقة البارزين الذين حملوا هموم وطنهم ودينهم وأمتهم إلى العالم بأسره، وتجد ذلك واضحا في كافة كتبه ولقاءاته وأحاديثه ونشاطاته، حيث تسكنه هموم الوطن والدين في كافة تحركاته، ولعل الاحتفالية بالتقرير السنوي لمكتب الشيخ الصفار هي احد أشكال تلك الهموم والمسؤولية التي يحملها الشيخ الصفار على عاتقيه، ففي بادرة غير مسبوقة حسب اطلاعنا يقوم الشيخ الصفار ومنذ خمس سنوات بعرض تقرير سنوي لكافة أعماله ونشاطاته والمكتب التابع له خلال سنة كاملة، إضافة إلى عرض وبيان وتفصيل لكافة التبرعات والأموال الشرعية التي تردهم وكيفية إنفاقها وتوزيعها حسب مصارفها الشرعية، وفي ذلك نقلة نوعية للطريقة التقليدية التي تقوم عليها مكاتب المرجعيات والعلماء الشيعة، مما يعطي العمل المؤسسي والمنظم حقه وقدره في العمل المجتمعي، الأمر الذي يضفي مزيدا من الشفافية والمصداقية للعمل الإسلامي، بعد أن تداخلت واختلطت كثير من الظواهر السلبية في العمل الإسلامي، الأمر الذي قد يخلق حالة من الجفوة بين المرجعيات والعلماء وبين عموم الناس، ولكن عرض مثل التقارير السنوية على الناس وعلى الملأ وفي حضور فاق الألف شخص من مختلف الأنحاء والأرجاء، فانه يزيد الثقة ويدعمها في المؤسسات الدينية ويشجع الكثيرين على التواصل والمساهمة بدعم أنشطتها ومؤسساتها الخدمية التي تغطي مختلف أوجه الخير في المجتمع، وكم نتمنى لو ينقل الشيخ الصفار تجربته المميزة إلى مختلف دول المنطقة ومنها الكويت بالطبع، فكثير من مكاتب العلماء تحتاج للأنظمة الإدارية والمحاسبية الحديثة لتطوير أعمالها وتسهيل عرضها على الناس فمبادئ الشفافية والإفصاح أصبحت اليوم تقتحم مختلف المجالات، وليست حكرا على المؤسسات الحكومية او التجارية بل ان المؤسسات الدينية هي احوج ماتكون لتطبيق تلك المبادئ نظرا لالتصاقها بهموم الناس وحاجاتهم اليومية.

وقد كانت لنا فرصة للصلاة خلف الشيخ فوزي آل سيف في مسجد الرفعة خلف قلعة جزيرة تاروت التاريخية وتبادلنا اطراف الحديث معه وزودنا بحصيلة ثقافية مميزة من مؤلفاته القيمة نسأل الله التوفيق لقراءتها والكتابة حولها، كما لا ننسى الجولة المميزة في مختلف نواحي واحياء القطيف والدمام وسيهات مع عرض مميز لتاريخ المنطقة وجغرافيتها الجميلة من قبل علي آل غراش وكذلك الشكر موصول للاخوة الافاضل عبدالجبار بومرة وعلى البحراني وعيسي العيد ومحمد الصادق لكريم استضافتهم، وهذا ليس بغريب على اهلنا في المنطقة الشرقية، ولنا مع كل واحد منهم حكاية جميلة وتجربة اجمل قد نحكيها في قادم الايام، داعين العلي القدير ان يحفظ بلاد المسلمين من شر كل حاقد او حاسد وان يديم علينا جميعا نعمة الامن والامان بعيدا عن كل اشكال العنف والتطرف، انه سميع مجيب الدعوات. 

الاثنين 22 مارس 2010م - العدد: 666