العمل التطوعي في خدمة المجتمع

تحليل لمضامين العمل التطوعي... أسباب الإقبال عليه وأسباب النفور منه

يعتبر العمل التطوعي من الأعمال الجليلة التي يقوم بها الإنسان، وهي تجسيد حقيقي للمضامين التي حث عليها الإسلام، مضامين تدعو للتعاون والترابط والمحبة، تدعو لمساعدة الناس بعضهم لبعض، مضامين ترفع من شأن الفرد والمجتمع. كما يعتبر العمل التطوعي مرآة يرى فيها الشخص نفسه من خلال الآخرين، وبوصلة لتحديد جدوى وفائدة الشخص بالنسبة للمجتمع.

الكتاب الذي بين ايدينا في هذه الزاوية، كتاب لسماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار. وقد طبع هذا الكتاب ثلاث طبعات، وقع هذا الكتاب في خمسين صفحة، من القطع المتوسط، تناول فيه الشيخ خدمة الفرد للمجتمع، تحت عنوان العمل التطوعي في خدمة المجتمع. وقد بين سماحة الشيخ أن المجتمع في كل مرحلة من مسيرته يحتاج إلى ثقافة واعية هادية، تبصره بواقعه، وتفتح أمامه آفاق الطموح وتعينه على مواجهة التحديات والصعاب، ثم يحدد الصفات التي يجب تتمتع بها الثقافة لكي تؤدي دورها في بناء المجتمع، حيث يجب أن تكون أصيلة نابعة من قيم المجتمع الدينية الصحيحة، وأن تكون معاصرة تواكب تغييرات الحياة، وتنبثق عنها برامج عملية تستوعب حاجات المجتمع ومتطلباته، وتمتلك لغة التخاطب مع الناس في شرائحهم ومستوياتهم واهتماماتهم المتعددة، موضحاً أن نخبة المجتمع الواعية من علماء وخطباء ومفكرين وأدباء هم الجهة المسؤولة والمعنية بإنتاج وتوفير هذه الثقافة المطلوبة.

يحدد الكتاب أسباب العزوف عن العمل التطوعي في الاستغراق في الحالة الذاتية، وتعدد الانشغالات والاهتمامات خاصة في هذا العصر، واعتراض الكثير من المعوقات للعمل في الخدمة الاجتماعية، كالروتين السائد، والمواقف السلبية، ثم يبين النتائج والمكاسب في خدمة المجتمع، حيث إن في ذلك راحة نفسية وسعادة معنوية كبيرة، وتنمية القدرات الذهنية والمهارات والمؤهلات السلوكية، والحصول على المكانة واتساع دائرة العلاقات وارتباطاته، والاطمئنان على المستقبل ومستقبل ذويه.

ثم يتحدث الكتاب عن أن التطوع ظاهرة إنسانية طارحاً نماذج وأمثلة لبلدان ومؤسسات بلغ العمل التطوعي فيها أرقاماً ضخمة، ثم يستعرض الكتاب بعض التقارير ذات الشأن التطوعي، ثم يتناول سماحته حال المؤسسات الخيرية في المجتمع، مقدراً وممتناً للجهود الطيبة التي يبذلها القائمون على هذه المؤسسات الخيرية إلا أنه يلاحظ أن درجة الإقبال على العمل التطوعي ضمن هذه المؤسسات لا يزال محدوداً وغير متناسب مع التوجه الديني لمجتمعنا والحاجات الملحة القائمة بالفعل.

ثم يتحدث الكتاب على المجتمع واليتيم، متسائلاً : هل يمكن لليتيم أن يصبح عظيماً؟ أو يكون شخصاً ذا تأثير وفاعلية في المجتمع؟ متحدثاً عن كيفية تفكير اليتيم، ومسؤولية المجتمع تجاه اليتيم، والولاية على اليتيم، وكيفية التعامل مع أموال اليتيم، منوهاً بلجان كافل اليتيم.

ثم يتحدث سماحته عن التزويج والمساعدة على الزواج، مبيناً أن الزواج يؤدي إلى الإعفاف، مؤكداً على صحة التزويج من أموال الزكاة، والتزويج من أموال الخمس، ومبيناً أن البذل والصدقة لمساعدة المحتاجين للزواج تعد من أفضل موارد البذل والصدقة. واصفاً فكرة إنشاء صندوق خيري للزواج بأنه من أفضل الأساليب لتحقيق وإنجاز هذا المطلب الديني الاجتماعي المهم، مورداً أحاديث عن التزويج.

وقد اعتمد سماحة الشيخ في هذا الكتاب على عشرين مؤلفاً ما بين كتب لغوية ودينية وعلمية وموسوعات، وهو كتاب صغير في حجمه إلا أنه يمثل خلاصة مشروع لو تم العمل به لقفز بالمجتمع قفزات نحو التقدم والرخاء الاجتماعيين.

الخميس 8/8/1430هـ الموافق 30/7/2009م - العدد 13194