الشيخ حسن الصفار: التواصل في السعودية بدا يثمر حتى في الوسط السلفي

جريدة المرفأ

في سابقة على مستوى العلاقة الشيعية السلفية في السعودية، استضافت مجالس القطيف العاشورائية لهذا العام عدداً من الدعاة والمثقفين السلفيين، حيث حضروا جانباً من الفعاليات وشاركوا في عدد من المجالس، عبَّروا بعدها عن انطباعات إيجابية تجاه ما سمعوه ورأوه.

وللأهمية الرمزية لهذه الخطوة باعتبار الزمان والمكان، توجهت "المرفأ" إلى رائد هذا التحرك في الانفتاح والتواصل، سماحة الشيح حسن الصفار وسألته عن الأهداف والثمار.. فأجاب مشكورا:

عاشوراء فرصة للمتشددين!

إحياء مناسبة عاشوراء في أوساط المواطنين الشيعة في المملكة العربية السعودية، كان يشكل فرصة لتيار التشدد السلفي للتعبئة ضد الشيعة، حيث ينشرون في كل عام منشورات يتحدثون فيها عن بدعية الاحتفاء بهذه المناسبة، وأنها مخصصة للنيل من الصحابة، والتحريض ضد أهل السنة باعتبارهم متهمين بقتل الحسين من قبل الشيعة، وأنهم الجهة التي يتحفز الشيعة لأخذ ثارات الحسين منهم.

كما يشيعون بعض الاتهامات السخيفة وغير المعقولة، تحت عنوان (ليلة الطفية)، حيث يزعمون أن الشيعة يحولون ليلة العاشر من محرم إلى ليلة إباحية سنوية، يختلط فيها الرجال والنساء، ويطفئون الأنوار، لإعطاء الفرصة للعلاقات غير المشروعة بين الرجال والنساء.

وعلى سخافة هذه المقولة فإنها منتشرة في الأوساط السنية المتأثرة بالتشدد السلفي.

ثمار الانفتاح

لكن جهود الانفتاح والتواصل التي بادرت إليها النخبة الشيعية الواعية في السعودية في السنوات الأخيرة، بدأت تؤتي ثمارها والحمد لله، بتجاوب بعض العلماء والدعاة والمثقفين من السنة وحتى من الوسط السلفي، فقد زارنا في القطيف والأحساء عدد منهم، كانوا محل حفاوة وترحيب، وعقدت لهم جلسات تحدثوا فيها، واستمعوا لآراء علماء الشيعة ومثقفيهم، وجرى الحوار معهم حول سبل الوحدة والتقارب الإسلامي والوطني، ومن أبرز تلك الشخصيات كان الدكتور الشيخ عوض القرني العالم والداعية السلفي المعروف، والدكتور الشيخ محمد النجيمي وهو الآخر شخصية سلفية بارزة، والدكتور الشيخ عبد الرحمن المحرج من السلفيين، وله اهتمامات في الإصلاح الاجتماعي والأسري، وله برامج في الإذاعة السعودية، وله صلة بكبار العلماء السلفيين.

كما زارنا الدكتور الشيخ محمد عبده يماني المفكر والناشط الإسلامي، ووزير الإعلام سابقاً، والشيخ عبدالمقصود خوجة وهو شخصية مرموقة في الحجاز، صاحب أعرق وأنشط ملتقى ثقافي أهلي في السعودية (الاثنينية). وشخصيات أخرى من الدعاة والمثقفين السنة.

وفي المقابل قدمت دعوات لشخصيات شيعية للإلقاء والحديث في منتديات ومجالس أهل السنة في مكة وجدة والرياض والقصيم والأحساء والدمام.

ونتيجة لهذا الانفتاح والعلاقات الايجابية التي تأسست صار من الممكن حضور بعض الشخصيات السنية من الدعاة والمثقفين في مجالس عاشوراء، حيث بادر بعض إخوتنا وأخواتنا للاتصال بعدد من الشخصيات لدعوتهم للحضور في أيام عاشوراء.

مشاركات هذا العام

وتمت استضافة من حضر منهم ولبى الدعوة مشكوراً من المناطق الأخرى، من الشخصيات الرجالية والنسائية، ووضع لهم برنامج لحضور بعض المجالس الحسينية، ومشاهدة بعض أنشطة مواكب العزاء الفنية والثقافية، والالتقاء مع بعض العلماء والشخصيات الشيعية في المنطقة.

 

 
هذا التواصل يكسر الكثير من الحواجز وإن لم يرض بعض المتشددين
 

وممن أسعدنا بحضوره الدكتور عبد الرحمن المحرج ومعه بعض الشخصيات الدينية السلفية، حيث استجاب لإلقاء كلمة في موكب الإمام الحسين في مدينة سيهات.

وكذلك عدد من الأكاديميات والمثقفات من جدة والرياض.

وهناك شخصيات سنية من أهالي المنطقة شاركت بالحضور في بعض المجالس كالدكتور محمد علي الهرفي الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والكاتب الصحفي اللامع الأستاذ نجيب الزامل وآخرين.

ولا شك أن هذا المستوى من التواصل هو درجة متقدمة في الانفتاح والتقارب، يكسر الكثير من الحواجز، ويحقق التعارف المباشر، ليرى إخواننا أهل السنة واقع إخوانهم الشيعة، ويطّلعوا على برامجهم في إحياء مناسبة عاشوراء، بعيداً عن التشويه والتضليل.

وقد أبدى من حضر منهم في مجالسنا إعجابه بمستوى الخطاب المنبري الذي يؤكد على القيم الدينية، ويدعو إلى الوحدة الإسلامية والوطنية.

نأمل أن يستمر هذا المستوى من التواصل وأن يتطور لما يخدم تطلع المصلحين نحو الوحدة والتقارب.

بالطبع فإن المتشددين في الجانبين السني والشيعي قد لا يرضيهم مثل هذه الخطوات، لذلك تشن الآن حملة ضارية في بعض المواقع الالكترونية السلفية ضد حضور هذه الشخصيات إلى مجالس عاشوراء وتشويه سمعتهم وتأليب الرأي العام عليهم.

كما أن بعض المتشددين الشيعة يدفعون إلى بعض الممارسات والطروحات الحادّة التي تنفّر إخواننا أهل السنة من الحضور والتقارب، وتعطي الفرصة للغلاة السلفيين في تشويه سمعة المذهب والطائفة.

السنة 2 – العدد 17 – صفر 1430 هـ، ص6-7.