شكراً يا شيخنا الصفار (1)

سبق أن سمعت من أكثر من واحد عن الشيخ عبدالمقصود خوجة، فقد حضر ابن أخي أحمد عبدالسلام حفل تكريم سماحة الشيخ حسن الصفار، ونقل لي انبهاره بالشيخ خوجة، وبالقصر الذي يعيش فيه وجعل يصف تفاصيل الحياة ويعقب رغم كل ذلك إلا أنه كان متواضعا.

وسمعت من الأخ والصديق ميثم الفردان عن أخلاقه الكثير، لكن ليس من رأى كمن سمعا.

بأم عيني رأيت هذه القامة الشامخة يمشي بين مرافقيه في الرحلة إلى القطيف وكأنه واحد منهم، لا يفرقه عنهم إلا «عكاز» يتوكأ عليه.

مشى ويده بيد الشيخ حسن الصفار وكأنه يعلنها من البداية أخوة في الله..

سلم على الجميع..
دخل القلوب قبل أن يدخل الدور..

جلس يستمع إلى المتكلمين في ليلة الاحتفاء به ووجهه يحمر خجلا، ثم أعلن أنه لا يريد من أحدٍ أن يكرمه، كما أنه طالب بأن تكون اللقاءات دون تكلف، وأن يكون اللقاء لقاء الأخوة والمحبة والتواصل الأخائي، رافضا الاحتفاءات التكريمية كما كان طوال حياته.

بكل تواضع شكر الجميع على حسن الاستقبال، وتنبأ للشاعر الحمّادي أن يكون إماما للشعر.

تواصلت الرحلة من الفندق إلى دارين، ثم قلعة تاروت، ثم ساحة القطيف، وهو يستمع بإنصات للمتكلم، ويسأل بكل هدوء.

شاهدنا معا فلم «بقايا طعام» فقام يسلم على طاقم الفلم فردا فردا، ويشجعهم، ويطلب منهم استضافتهم في جدة، ويقرر لهم برنامجا، ويطلب منهم أن يعرضوا الفلم في أثنينيته في جدة، ويستلم منهم شاكرا نسخة من فلم «رب ارجعون» ويدعوا لهم بدوام التوفيق.

نسافر معا إلى الأحساء معا، فيدير الحديث بكل حب وتواضع، ويمازح في أدب جمٍ كل الموجودين، ويرد على المكالمات الهاتفية وكأنه لم يسافر في رحلة استراحة بين الأخوة، فالعمل يجب أن ينجز، وقضاء حوائج الناس لا تنتظر كما قال مدير مكتبه نور الدين الفاروق.

نصل إلى الاحساء فيأبى أن يدخل قبل غيره من المرافقين، بل يمشي معهم، ويسلم على المتواجدين في القاعة فردا فردا.

يغادر منصته ليصافح الشاعر جاسم الصحيّح بعد قصيدته الرائعة ويشكره، ويتوجه إلى الشاعر يحيى السماوي ويحتضنه، بكل الحب والتقدير.

يقف مع كل من تكلم معه بكل تقدير، طلبت منه أن أصور معه فوقف ووقفت إلى جانبه ننتظر المصور أن يلتقط الصورة، وابتسم شاكرا ممازحا.

في ختام الرحلة يصافحنا ويشكرنا، ويدعونا لزيارة جدة ليعيد لنا الحفاوة.

هل سجلت المستشفيات أن الأخلاق «تعدي»؟

لم ينفرد هو بحسن الخلق بل أفاض على مرافقيه فكانوا نسخة منه، تواضع العظماء، وأخلاق الكبار.

شكرا سماحة الشيخ حسن الصفار لأنك عرفتنا على هذه الشخصية الكريمة.

باحث وكاتب من القطيف (تاروت)