حوارٌ مع سماحة الشيخ في صحيفة الجزيرة

صحيفة الجزيرة
الشيخ حسن الصفار:

الحوار يمكن أن يكون بداية ومنطلقاً لكل مشاريع النهضة والإصلاح في الوطن وخير المواطن

 


نشرت صحيفة الجزيرة السعودية يوم أمس الجمعة الموافق 3 ذو القعدة 1424هـ، حواراً مع سماحة الشيخ حسن الصفار –حفظه الله- يتحدث فيه حول اللقاء الوطني للحوار الفكري، وأجرى الحوار مع سماحته الأستاذ فاضل البحراني.

نص الحوار:


بمبادرة كريمة من سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تم انعقاد الدورة الأولى لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في العاصمة الرياض من 15- 18/4/1424هـ بحضور جمع من العلماء والمثقفين من مختلف المذاهب والتيارات الفكرية، أكدوا فيه على أهمية الحوار كوسيلة للتعبير عن الرأي وأسلوب للحياة وضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية.

وباقتراب الدورة الثانية للمركز المقرر عقدها في مكة المكرمة من 5-9/11/1424هـ تحت عنوان (الغلو والاعتدال.. رؤية منهجية شاملة) نلتقي في حوار الشيخ حسن الصفار أحد المشاركين في الدورة الأولى للقاء الوطني، ومن أبرز الدعاة الى الوطنية والوحدة والحوار، فمن مؤلفاته في هذا لاشأن: التعددية والحرية في الإسلام، الوطن والمواطنة الحقوق والواجبات، التنوع والتعايش، التطلع للوحدة، السلم الاجتماعي، التسامح وثقافة الاختلاف، ومن آخرها كتاب: (عن اللقاء الوطني للحوار الفكري).

* بداية ما هو مفهومكم تجاه مصطلح «الحوار الوطني»؟

- ما أفهمه من مصطلح الحوار الوطني هو مناقشة القضايا المرتبطة بمصالح الوطن والمواطنين، وان يبدي كل طرف رأيه حولها ويصغي إلى آراء الآخرين، ثم يكون هناك دراسة لهذه الآراء لتلمس الطريق الى أفضل الحلول والمعالجات.

ذلك أن كل طرف قد يعيش ضمن تصور معين لمسألة من المسائل لأنه يراها من زاوية معينة، ومنظور محدود، بينما يراها الآخرون من زاوية أخرى ومن منظور آخر، وحينما يطلع كل طرف على رأي الآخر ورؤيته، ويتدارسان الأمر بموضوعية، فإن ذلك يقرب المسافات بين الأفكار، ويساعد على تكاملها وتطويرها، ويجعل كل طرف متفهما لوجهة نظر الآخر وإن لم يقتنع بها.

* ما هي الدوافع التي دعت لمثل هذا الحوار؟ ولماذا في هذا الوقت؟

- الشرع والعقل يدفعان الى الحوار، فإن الله تعالى يقول: ﴿الّذٌينّ يّسًتّمٌعٍونّ القّوًلّ فّيّتَّبٌعٍونّ أّحًسّنّهٍ أٍوًلّئٌكّ الّذٌينّ هّدّاهٍمٍ اللَّهٍ وّأٍوًلّئٌكّ هٍمً أٍوًلٍوا الأّلًبّابٌ، ويقول تعالى: ﴿قٍلً هّاتٍوا بٍرًهّانّكٍمً، ويقول تعالى: ﴿قٍلً هّلً عٌندّكٍم مٌَنً عٌلًمُ فّتٍخًرٌجٍوهٍ لّنّا، ويقول تعالى: ﴿وّأّمًرٍهٍمً شٍورّى بّيًنّهٍمً.

والأحاديث والروايات التي تأمر بالشورى والتشاور وطلب الحكمة «الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدها»، فإن الحوار هو من أوضح مصاديقها ومواردها.

ومن الناحية العقلية، يدرك كل عاقل، أهمية معرفته واطلاعه على رأي الآخرين، بمقدار ما يحرص هو على طرح رأيه وعرضه، وتجارب الشعوب المتقدمة أمامنا، وقد اتخذت الحوار منهجاً في حياتها على كل الأصعدة العلمية والسياسية والثقافية والاجتماعية، فأصبحت ساحاتها ثرية بالمعارف والافكار، وتوفرت أمامها الخيارات والبدائل المتعددة تجاه كل قضية من القضايا.

وساعد منهج الحوار على تكريس الاستقرار السياسي والاجتماعي لدى تلك الشعوب، حيث تصبح كل الآراء تحت الاضواء الكاشفة، وعلى منضدة النقد والتشريح، بينما تنمو بعض الآراء السلبية في جنح الظلام، وبعيداً عن النقد والتقويم في المجتمعات التي ينعدم فيها الحوار وحرية التعبير عن الرأي.

هذه الدوافع تحفز كل إنسان فرداً ومجتمعا لمسلك الحوار، وكانت هناك غفلة في مجتمعاتنا عن الحوار، وتخندق من كل طرف في خندق رأيه السياسي أو الفكري، لكن اهتمام القيادة وحرصها على استقرار الوطن واستمرار تقدمه هيأ لبعض المبادرات الايجابية على طريق الحوار والانفتاح.

* هل هناك ثمة صعوبات وعقبات قد تواجه مشروع هذا الحوار؟

- بالتأكيد مثل أي مشروع هناك صعوبات وعقبات تواجه مشروع الحوار الوطني لكن المراهنة على إرادة الاصلاح والتغيير تعطينا الأمل في تجاوزها.

وكأي نهج جديد لم يكن مألوفا يحتاج الى وقت لتتسع القناعة به، وتتشكل له أساليبه وتقاليده.

* برأيكم ما هي الأجندة المقترحة لنجاح مشروع الحوار الوطني؟

- يبدو لي أن من أولويات أجندة الحوار الوطني: مسألة الاصلاح العام من توسيع المشاركة الشعبية وحماية حقوق الانسان وتحقيق المساواة بين المواطنين، واحترام حرية التعبير عن الرأي، وتطوير الخطاب الديني لتجاوز حالة الغلو والتطرف، والاستفادة من تعدد المذاهب والمدارس الفكرية، في تأكيد نهج التسامح والاعتدال، معالجة مشاكل جيل الشباب على صعيد التعليم وتأمين فرص العمل، وتسهيل مطالب الحياة.

* ما هي الظلال التي سيلقيها هذا الحوار على أبناء الشيعة في المملكة؟

- أبناء الشيعة في المملكة هم جزء لا يتجزأ من الوطن والشعب، وأي مستوى من الانفتاح والتطوير يكون في البلاد، فسيستفيدون من ذلك كسائر المواطنين، إن أهم ما يفيد الشيعة اندماجهم الوطني، فتهميشهم وانطواؤهم على أنفسهم خسارة لهم وللوطن، والحوار مدخل لتجاوز ما قد يعانونه على هذا الصعيد، لوجود حواجز مذهبية نشأت بفعل ظروف وأوضاع غير ايجابية، فينبغي تجاوزها بانفتاحهم على الآخرين، وانفتاح الآخرين عليهم، وبمشاركتهم في معالجة الهموم والقضايا الوطنية العامة.

فالحوار بين الأطراف المختلفة يمثل اعترافا متبادلا، واتفاقا على الاحترام، ويوفر امكانية التعارف المباشر، وينهي عهود القطيعة وظنون السوء وفي ذلك مكاسب عظيمة للوطن بشكل عام وللشيعة بشكل خاص.

* تعرفون أن المملكة تضم تعددية فكرية ومذهبية وسياسية، فعلى أي أساس يتم انتخاب الاعضاء في مركز الحوار الوطني؟

- انتخاب الاعضاء للمشاركة في مركز الحوار يتم عبر الهيئة المختارة من قبل سمو ولي العهد لإدارة مركز الحوار، ،وقد طلبت هذه الهيئة من جميع الجهات المشاركة وتقديم الاسماء التي يرونها مناسبة في مناطقهم ومجتمعاتهم، ليتم الاختيار منها، وأساس الاختيار كما أعتقد كون الشخص من أهل الرأي والتأثير في المجتمع.

* في وجهة نظركم، هل الحوار الوطني الخطوة المطلوبة حاليا أم هناك ما هو أسبق وأهم على مستوى المشاريع النهضوية الوطنية؟

- الحوار يمكن ان يكون بداية ومنطلقا لكل مشاريع النهضة والاصلاح، فلا شيء أسبق منه ولا شيء يعوض عنه، لأنه الذي يبلور اتجاهات الحركة، وينضج وجهات النظر حول المسار المطلوب، ويحقق أعلى نسبة من التفاعل على مستوى النخبة والرأي العام الوطني.

لكن ينبغي ان ترافق الحوار اجراءات مساعدة منها: توسيع فرصة التعبير عن الرأي لكل الجهات والأطراف، ومعالجة مظاهر التمييز بين المواطنين وليشعر الجميع بالتساوي والتكافؤ.