الشيخ الصفار يدعو القيادات الواعية لممارسة النقد الذاتي داخل مجتمعاتها

 

دعا سماحة الشيخ حسن الصفار القيادات المخلصة، والنخب الواعية، إلى تحمّل مسؤوليتها في ممارسة النقد الذاتي وتنبيه المجتمع لنقاط ضعفه، وتوجيهه لمحاصرتها ومعالجتها.

وتابع: هذه المهمة ليست سهلة، بل تكتنفها صعوبات بالغة، فبعض المجتمعات تسودها حالة نرجسية، لذلك ترفض النقد والتقويم، وتدافع عن كل شيء في ثقافتها وممارستها، وتختلق مختلف التبريرات لتزكية وتقديس ما هي عليه.

جاء ذلك في خطبة الجمعة 24 شوال 1445هـ الموافق 3 مايو 2024م بمسجد الرسالة بمدينة القطيف شرقي السعودية بعنوان: النقد والتقويم الداخلي في نهج الإمام الصادق .

وأوضح سماحته أن حدوث الثغرات والانحرافات أمر طبيعي في أي مجتمع بشري، قد ينشأ الخلل من داخل المجتمع بانتشار أفكار سيئة، أو ظهور سلوك منحرف، وقد يتسلل الخلل إلى المجتمع بفعل تأثير أو إرادة من خارجه.

وتابع: لكنّ المجتمعات تتفاوت في مستوى الاهتمام برصد واقعها، واستكشاف نقاط الضعف والخلل فيه، والاعتراف بها، والمبادرة إلى معالجتها.

وأضاف: هناك مجتمعات تعيش حال الاسترسال، ولا تبدي اهتمامًا بدراسة واقعها، وتسليط الضوء على مناطق الضعف والخطأ في مسيرتها، فتتسع الثغرات، وتتراكم الأخطاء، وتتجذر الانحرافات.

وأشار إلى أن بعض الأخطاء والانحرافات قد تتجذر في المجتمع لمرور زمن عليها، فيألفها الناس، ويمتنعون عن تغييرها، خاصة ما يكون منها ذا صبغة دينية.

وتابع: قد تتشكل مراكز قوى في المجتمع، تستفيد من وجود تلك الأخطاء، فتستميت في الدفاع عنها، وتواجه أي نقد أو محاولة لتغييرها.

وأكّد أن القيادة الواعية المخلصة، تتجاوز هذه الصعوبات والعقبات، لتقوم بواجبها في تصحيح الأخطاء والانحرافات في ساحة المجتمع، ولو كلفها ذلك بعض الأعباء، أو سبب لها ضررًا وإيذاء.

وبمناسبة ذكرى وفاة الإمام جعفر الصادق ، قال: إن الإمام الصادق تصدى لمواجهة تيار تضخم الولاء العاطفي لأهل البيت على حساب الالتزام السلوكي وحذّر منه وكشف خطأه وانحرافه.

ولفت إلى أنه تحدّث ووجه كثيرًا لمحاصرة ظاهرة تضخم الولاء العاطفي، والتأكيد على الالتزام السلوكي بقيم الدين وأحكامه، وأن المحبة والولاء العاطفي لأهل البيت لا يغني أبدًا عن الالتزام العملي بالدين والأخلاق الفاضلة.

وأبدى أسفه لظهور من يروّج في أوساط الموالين لأهل البيت ، بأن محبتهم والتعاطف معهم تكفي للنجاة والفوز عند الله، وبها يتم واجب المودة التي أمر الله بها.

ومضى يقول: لقد تصدى الإمام الصادق لهذه التيارات، وأعطاها الأولوية في توجيهاته وأحاديثه، لتشخيص تلك الثغرات ومواقع الخلل، ونقدها وتقويمها، لمحاصرتها وتنقية أجواء التشيّع منها.

واستحضر نماذج مما ورد عن الإمام الصادق في هذا السياق، كقوله : «إِنَّمَا شِيعَةُ جَعْفَرٍ مَنْ عَفَّ بَطْنُهُ وَفَرْجُهُ وَاِشْتَدَّ جِهَادُهُ وَعَمِلَ لِخَالِقِهِ وَرَجَا ثَوَابَهُ وَخَافَ عِقَابَهُ فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ».

وختم بقوله: ما أحوج مجتمعاتنا الشيعية في هذا الزمن إلى استحضار مثل هذه التوجيهات للإمام جعفر الصادق ، لمواجهة تأثير التيارات الشعبوية التي تضخم الولاء العاطفي لأهل البيت على حساب الالتزام السلوكي، وهو ما تصدى الإمام الصادق لمواجهته والتحذير منه.