عندما يصنعُ النقدُ المحبّةَ!


راسلني بالأمس سماحة العلامة الفاضل الشيخ حسن الصفار رعاه الله تعالى، ليشير لي إلى أنّني أخطأتُ في رصد تاريخ وفاة الشيخ علي كاشف الغطاء صاحب كتاب (النور الساطع في الفقه النافع)، وأنّه ليس 1253هـ، وإنّما هو 1411هـ، وأنّ هناك شخصين بهذا الاسم، الأمر الذي سبّب لي خلطاً، جعلني أرتّب في بعض المواضع ـ وأنا أقوم في كتاب الاجتهاد المقاصدي والمناطي بالتحليل التاريخي ـ جعلني أرتّب بعض النتائج الخاطئة في حقبة زمنيّة معيّنة هنا أو هناك.
إنّ ما قاله سماحته صحيح تماماً، ولا أدري لماذا وقعت في هذا الالتباس؟! لكنّ المهم أيضاً لي، بعد شكري لسماحته على هذه الإضاءة النافعة، هو أنّني ولمرّات قليلة واجهت نقداً بنّاءً ينطلق من روح صادقة وهادئة ومحبّة وحريصة. في حياتي كان بعضٌ من الذين انتقدوني ـ وليس جميعهم ولا غالبهم بالتأكيد ـ ينتقدون وصدورهم تغلي غضباً أو ضغينة، وربما كان فيها حقدٌ أو حسد، أو كان منطلقها تصفية حسابات وإفراغ طاقات سلبيّة.
ما أجمل أن يريك أخٌ لك خطأ وقعت فيه صغيراً أو كبيراً، لأنّ في ذلك منفعتين لك:
المنفعة الأولى: هي المنفعة المعرفيّة، حيث تنتفع باكتشاف خطئك، أو ربما يجرّك ذلك للحوار النافع فيما لو كان الناقد نفسه مخطئاً في النقد.
المنفعة الثانية: هي المنفعة الروحيّة والنفسيّة، حيث تشعر مع النقد الصادق النابع من قلب حريصٍ عليك، تشعر أنّك محاطٌ بالعناية، وهناك من يهتمّ لأمرك بروح دافئة.
مثل هذا النقد يدفعك روحيّاً ونفسيّاً لأن تتمنّى كلّ يوم أن ينتقدك الناس. إنّها تجربة أخلاقيّة وروحيّة معاً تظلّ نافعة في أبعادها المتعدّدة.
أشكر سماحة الشيخ الصفار، وكلَّ من قدّم لي ـ سابقاً أو لاحقاً ـ نقداً شبيهاً؛ ليكون النقد تقريباً للقلوب وليس خصاماً بينها، وليكون سَكِينةً وليس ضغينة.


الشيخ مع الشيخ حيدر حب الله

نشر المقال في صفحة الشيخ حب الله بتاريخ الأحد 6 ـ 6 ـ 2021م
عالم دين ومفكر اسلامي - لبنان