زلزال داعش.. ماذا بعد؟

 

”التواصل المذهبي وما بعد داعش“ هكذا جاء عنوان محاضرة الشيخ حسن الصفار في الليلة السادسة من شهر محرم لهذا العام، حيث أشار إلى خطورة داعش والآثار التي تخلفها ما بعد داعش، وقال أيضا إن استمرار العلاقات المذهبية كما قبل داعش مؤشر إلى ظهور جماعية إرهابية أكثر وحشية، ودعا المرجعيات الدينية الأبرز في العالم الإسلامي إلى التواصل فيما بينها وعقد لقاء تاريخي يضع حدا للخلاف السني الشيعي، وأشار إلى أن الجمهور له دور ومسؤولية يجب عليه القيام بها حول التصدي للأصوات الطائفية لدى الطرفين.

بعد كل هذا القتل والدماء والخراب والدمار الذي خلفته الجماعات المتطرفة بما فيهم داعش، هل لازال هناك من يعتقد بأن الخطاب المتطرف يعود بالنفع على الدين والأمة؟ اعتقد أنه لازال هناك من يعتقد بذلك، واتمنى أن يتخلص الخطاب الاسلامي منهم شيئا فشيئا، لكن الخلاص من هذا الفكر المتوحش لا يكون فقط بالأمنيات بل يحتاج إلى التصدي لمثل هذا الفكر ومواجهة التطرف الذي يبثه، بخطاب مضاد يدعو إلى قيم التسامح والتعايش والرحمة، خطاب يجمع لا يفرق، خطاب يعزز المشتركات بين الناس ويعزز سلمهم الأهلي، بمثل هذا الخطاب نستطيع انتشال العالم الإسلامي من هذا البؤس الذي صنعته داعش وأخواتها.

أشار الشيخ الصفار إلى دور الجمهور ومسؤوليته اتجاه التصدي لمن يهدد سلمهم الأهلي من خلال رفض الخطابات المتطرفة التي تسعى إلى زعزعة واستقرار المجتمع وجره إلى ويلات لا يعلم عقباها، الجماعات المتطرفة والفكر المتطرف مثل أي شيء آخر في هذه الحياة يحتاج إلى بيئة حاضنة توفر له النمو والتمدد كبقية الكائنات الحية الأخرى، هنا على الجمهور الواعي ألا يوفر لمثل هؤلاء البيئة التي تشكل لهم غطاء لأعمالهم الإجرامية ورفض الخطاب الذي يدعو للقطيعة بين أبناء الأمة وعدم الانجرار خلف الشعارات التي يوهمون الناس بها، حيث لا يأتي مع هذه الجماعات المتوحشة إلا الدمار والخراب وخسارة الأنفس والأرواح.

تظافر الجهود يجنب الأمة ويلات داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة، كما أن الجمهور له دور كذلك المؤسسات الدينية لها دور كبير يجب عليها أن تتحمله، من خلال التواصل فيما بينها، وتجاوز حالة القطيعة التي استمرت مدة طويلة من الزمن، وهذا الذي ساعد الجماعات المتطرفة بالظهور والتوسع لأنها استغلت حالة الفراغ الحاصل بين المذاهب الإسلامية والفجوة العميقة إثر هذه القطيعة، وهذا ما جعل الجماعات المتوحشة تلعب على المتناقضات في بث الكراهية والبغضاء بين أبناء الأمة الواحدة.

وبذلك دعا الشيخ الصفار المرجعيات الدينية الأبرز في العالم الإسلامي إلى عقد لقاء تاريخي يضع حدا للخلاف السني الشيعي عقب أفول تنظيم داعش الذي شكل الوجه الأكثر وحشية لهذا النزاع، وقال أيضا إن هيئة كبار العلماء في المملكة وجامع الأزهر والحوزتين العلميتين في النجف الأشرف وحوزة قم مدعوون جميعا للجلوس وطي ملف الخلاف المذهبي. كما حث الحكومات والواعين بالدفع باتجاه لقاء هذه المرجعيات الدينية الأربع نحو التواصل والانفتاح على بعضها البعض.

في الختام نسأل الله أن يوفق سماحة الشيخ حسن الصفار لما فيه خير وصلاح لهذه الأمة، ويجعله الله مناراة في نشر الوعي والعقلانية والتسامح وكل ما هو نافع يجنب هذه الأمة الأزمات والشرور.