ثم تطرق سماحة الشيخ إلى ملاحظتين أساسيتين قبل الدخول في صلب الموضوع:"/>

التعصب والعصبية

مكتب الشيخ حسن الصفار
أمّ سماحة الشيخ حسن موسى الصفار "حفظه الله" جموع المصلين اليوم الجمعة الموافق 20 رجب 1423هـ في مسجد سماحة الشيخ علي المرهون "حفظه الله" بالقطيف. وبعد الانتهاء من الصلاة ألقى سماحة الشيخ كلمةً عنوانها التعصب والعصبية. وقد افتتح سماحة الشيخ كلمته بقول الرسول الأعظم : «من كان في قلبه ذرة من حبةٍ من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية». وقد بدأ سماحة الشيخ حديثه حول الإرهاصات التي نتجت عن أحداث (11 سبتمبر) من هجومٍ عنيف ضد الإسلام واتهام الغرب للإسلام والمسلمين بالإرهاب، وأن الإسلام ينمي حالة العصبية في نفوس أبنائه.


ثم تطرق سماحة الشيخ إلى ملاحظتين أساسيتين قبل الدخول في صلب الموضوع:


الملاحظة الأولى: إن النقد الذاتي ومحاسبة النفس ومراجعة الأخطاء أمرٌ مطلوب من كل فردٍ ومجتمعٍ وأمة. وإذا حدث وأن وُجد للأمة أعداء يترصدون عثراتها فهذا لا يدعو الأمة للمكابرة وعدم تصحيح الأخطاء في حال وجودها.


الملاحظة الثانية: ثبت في علم النفس والاجتماع أن التعميم والتنميط في أوضاع الأمم والمجتمعات شيءٌ خاطئ، فليس سليماً أن يوصف مجتمع من المجتمعات بسلوكٍ يحمله بعض أفراده. وتزداد هذه المسألة خطورةً إذا تعدت إلى وصف أي دين من الأديان بسلوكٍ لدى بعض من يعتنقون ذلك الدين. وهذا ما يقوم به الإعلام الغربي تجاه الإسلام والمسلمين.


رؤية الإسلام حول سلوك التعصب



ثم تحدث سماحة الشيخ عن رؤية الإسلام في التعصب كسلوك فقال: إن للإسلام موقفاً صارماً وصارخاً ضد التعصب، وهذا ما تكشف عنه الأحاديث الكثيرة عن أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين)، ومن ذلك الأحاديث التالية:


1- قال رسول الله : «من كان في قلبه ذرة من حبةٍ من خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية»، والخردل: نبات فيه حبة متناهية في الصغر، يُضرب بها في الأمور المتناهية في الصغر؛ وأعراب الجاهلية: أي الكفار. والمسألة هنا لا تعني الجزاء والعقوبة بمعنى أن من يمارس التعصب عقابه أن يُبعث مع أعراب الجاهلية، كلا! وإنما نستطيع أن نستشف من ذلك أن التعصب كسلوك يجر صاحبه إلى ارتكاب ما يجعله في صفوف الكفار.


2- وقال : «من تعصب أو تُعصّب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه»، والمقصود هنا من يمارس التعصب كسلوك، أو من يرعى حالة تعصبٍ لصالحه.


3- الإمام علي يقول: «عدو الله إبليس إمام المتعصبين».


4- الإمام جعفر الصادق يقول: «من تعصّب عصّبه الله بعصابة من نار جهنم يوم القيامة.»


والقرآن الحكيم لم يذكر التعصب بلفظه، وإنما جاء به على أذكارٍ مختلفة، منها:


1- الحمية: ﴿حمية الجاهلية.

2- العزة بالإثم: ﴿وإذا قيل له اتّق الله أخذته العزة بالإثم.


ما معنى التعصب؟



بعد ذلك تحدث سماحة الشيخ عن معنى التعصب في اللغة والاصطلاح، وقد توصل إلى النتيجة التالية:


التعصب في اللغة يعني: الشدة والربط والإحاطة.


وفي الاصطلاح يعني: الانحياز لشيء (سواءً كان فكرةً أو شخصاً) تحت تأثير الانفعالات العاطفية.


وقسّم سماحة الشيخ التعصب إلى قسمين:


القسم الأول: تعصب مقبول؛ وهو أن ينحاز الإنسان إلى الحق. يقول الإمام علي وهو يخاطب أصحابه: (تعصبوا لمكارم الأخلاق، ومحامد الأفعال).


القسم الثاني: تعصب مذموم؛ وهو أمران:


الأول: أن ينحاز الإنسان لشيء دون دليل أو برهان.


الثاني: أن يكون انحياز الإنسان لما اقتنع به، ولكن على حساب مصالح وحقوق الآخرين.


الإعلام الغربي وحملته المجرمة ضد الإسلام والمسلمين




وبعد هذا التفصيل حول التعصب تحدث سماحة الشيخ عن الإعلام الغربي وحملته الشعواء ضد الإسلام والمسلمين وقال إنه (أي الإعلام الغربي) قد عمّم سلوك البعض المتعصب على الإسلام ككل، وقد أغفل حقيقتين:


الأولى: أن هذا السلوك المتعصب لا يصدر من عموم المسلمين.


والثانية: الأسباب التي أدت إلى وجود مثل هذه السلوكيات.


وعقب سماحة الشيخ على ذلك بحديث مفصل، مجمله أن الأمة الإسلامية وما تعانيه من ظلم واضطهاد وانتهاكٍ لمقدساتها وخصوصاً ما يجري في فلسطين الآن، قد ولّد لدى البعض ردة فعلٍ عنيف تجاه ما يحدث، ولسنا بصدد التبرير ولكن نقول: إنه من حق أي أحد أن يُدافع عن حقوقه إذا رآها تنتهك وعلى مرأى ومسمع من العالم ولا من متكلم.


ثم قال سماحة الشيخ، إن هذه الهجمات الغربية تدفعنا لمراجعة واقعنا، هل بالفعل هناك حالة من التعصب عند المسلمين؟ نعم، عند التمعن نجد أن هناك فئاتٍ تمارس التعصب ليس ضد الأعداء فحسب وإنما تمارسه ضد من يعيشون بجوارهم ويعتنقون نفس الدين الذي هم يعتنقوه، والمشكلة الكبرى تكمن في أن هؤلاء يمارسون التعصب باسم الدين. وذلك خطأٌ كبير:


1- عن من يمارس هذا التعصب مخطئٌ بحق نفسه.

2- وهو أيضاً مخطئٌ بحق الدين.

3- وأخيراً فهو مخطئٌ بحق المجتمع.

http://www.saffar.org/media/ent_friday/1423/14230720.asf