العلاقة بين الشيعة والسنة

الشيعة جزء من الكيان الإسلامي يشتركون مع بقية المسلمين في ثوابت متفق عليها، وهناك تمايزات عقدية وفقهية بين الشيعة وغيرهم من الطوائف، كما أن بقية الطوائف بينها تمايز. ولكن هذه التمايزات لا تعني أن يعيش الأطراف في نزاع.

من حق الشيعة أن يحملوا معتقداتهم ويدافعوا عنها، كما هو حق لغيرهم. ولكن ليس بأن نتنازع ونتحارب فهذا منهي عنه: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم». ويبين الله لنا كيف نتعامل مع أصحاب الديانات الأخرى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم أن تبروهم وتقسطوا إليهم»، وفي مجال الدعوة يأمر أن يتم ذلك باللين: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن».

فمن باب أولى أن نتعامل كمسلمين فيما بيننا بهذا الأسلوب، وأن نتحاور بالتي هي أحسن. وذلك لأن الدين هو الخلق السليم. الدين لم يأت ليخلق منك إنسانًا عنيفًا وإنما مسالمًا.

من جهة أخرى أنت تمثل ديناً ومذهباً، والناس ينظرون له من خلالك. إذا تعاملت معهم بالحسنى أخذوا انطباعًا حسنًا عنك وعن انتمائك، لذلك ورد عن الإمام الصادق : (أحبونا إلى الناس ولا تبغضونا إليهم). وقال أيضًا: (رحم الله عبدًا حببنا إلى الناس، ولم يبغضنا إليهم. أما والله لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعز، وما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء، ولكن أحدهم يسمع الكلمة فيحط إليها عشرًا). وجاء عن أمير المؤمنين : (شيعتنا بركة على من حاوروا، سلم لمن خالطوا). روايات كثيرة مثل هذه تبين لنا كيف ينبغي أن نتعامل مع غيرنا.

لكننا مع الأسف الشديد نرى انبعاث تيار يحمل أفكارًا تخالف نهج هذه الرويات، ونحن في عصر ارتفعت فيه معنويات الشيعة، فأوضاعهم أفضل من السابق بحمد الله تعالى، وللتعبير عن هذه المعنويات فإن هناك منهجين:

المنهج الأول: تقديم أنموذج مشرق لفكر أهل البيت النير.

المنهج الثاني: يستغل هذه الإمكانيات لتبيين مساوئ الطرف الآخر، واسقاط رموزه. هذا المنهج هو ردة فعل لما مورس ضد الشيعة من ظلم وتمييز وتعبئة، ولكن الخطأ لا يواجه بالخطأ، سيما ونحن ننتمي إلى أهل البيت . إذا كان هناك من يريد أن يأخذ بالمنهج الأموي حين سنوا سب أمير المؤمنين سبعين سنة، فهم يأخذون بالمنهج الذي ارتضوه لأنفسهم، ولكننا نرفض هذا المنهج، لأن منهج أهل البيت خلاف ذلك.

المسألة ليست مسألة شخص، وإنما وجود تيار، يحمل هذا الفكر والمنهج. الناس الذين يحرضون على السب واللعن فليعلموا أن هذه هي النتائج، وضعوا المذهب في موقف دفاع، وشوهوا صورته النقية، ولو حدث مكروه لا سمح الله لهذه الأمة فهم من أسبابه.

هذا التيار المتشدد يظن أنه يخدم المذهب، لكن الواقع أنه يضر وقد اتضح للجميع ذلك. وقد وقع في سوء فهم خاطئ إذا أحسنا الظن بهم وإلا فهو لعب على المشاعر ودغدغة للعواطف باسم أهل البيت ، ولكنهم يرفضون هذا النهج، وكذلك علماء الشيعة المخلصون، وقد سمعنا بيان السيد السيستاني الأخير وما كان يردده أمام زائريه من شيعة العراق: لا تقلوا أخوتنا أهل السنة، بل هم أنفسكم. كذلك خطابات العلماء في إيران ولبنان.

نحن في وضع يتطلب منا أن نبرز صورة حسنة لنا ولمذهب أهل البيت . في كتب الأحاديث هناك روايات، ولكن ليست كلها صحيحة. وإذا كان بعضها صحيحاً عند بعض هؤلاء، فهناك روايات أخرى تدعوك لترك هذا الأمر، وعدم الخوض فيه، وهي أكثر.

الجمعة, 24سبتمبر 2010م - العدد: 824